يعيش سكان مقطعة تامشكط بالحوض الغربي وضعا قاسيا يضرب حياة الناس في الصميم، ويبعث على القلق الشديد؛ فقد تميزت السنوات الثلاث الماضية بضعف التساقطات المطرية وكان الخريف الماضي هو الأسوأ منذ عقود، حيث لم تتجاوز التساقطات بعاصمة المقاطعة 71مم ، كما كانت في باقي أنحاء المقاطعة دون ال 150 مم في الإجمال، عكس ما يسجل في السنوات المتوسطة حيث تتعدى التهاطلات الإجمالية في العادة حاجز ال400مم.
وهو الأمر الذي أدى إلى غياب شبه تام للنشاط الزراعي،كما عادت المواشي القادمة من صيف قاس جدا إلى نفقة ملاكها الذين باتوا يطعمونها كما يفعلون تماما لأطفالهم.
السدود في منطقة "أفله" التي تمثل سلة غذاء المقاطعة لم تنبت حبة زرع للعام الثالث على التوالي والمواشي تعرضت لخسائر فادحة خلال الصيفين الماضيين.
وفي مقاطعة تنحصر فيها حياة السكان على القطاع التقليدي بشقيه الرعوي والزراعي فقد قاد هذا الوضع الاستثنائي إلى تدهور خطير في المستويات المعيشية للسكان وجمود كافة الأنشطة التي تدر منافع للناس لارتباطها الوثيق بالمصادر سالفة الذكر.
يفاقم ذلك الوضع الحرج حالة العزلة التي تشعل أسعار النقل وتؤخر وصول المؤن؛ ذلك أن الطريق المعبد الذي أعلن عن بدء الأشغال به منذ أزيد على سنة لم يتقدم بشبر واحد ومازال في المراحل التمهيدية على الرغم من أن الوقت الذي حددته الحكومة لإنهائه هو30 شهرا وما يستخلص من خلال سير أعماله هو اتجاه هذه المدة إلى 100 شهر أو أكثر.
لقد طارت أسعار المواد الاستهلاكية مؤخرا إلى مستويات قياسية وكان على رأس ذلك مادة القمح التي بلغ سعرها 7آلاف أوقية،وهي المادة الأساسية لغذاء الناس والمفضلة أيضا لإنقاذ الدواب التي يتملكها العجف.
يحدث ذلك في ظل غياب تام للتدخل الحكومي حيث كان التدخل الوحيد من طرف السلطة هو ما يعرف بدكاكين أمل التي توجد في أماكن محدودة من المقاطعة وقد باتت منذ سنتين شبه مغلقة.
إنه وضع مزر تنسحب ارتداداته على كافة مناحي الحياة بما في ذلك سوء الخدمات وانتشار العطش وترهل التغطية الصحية والتعليمية في منطقة يشكل "أدوابه" المعدمين غالبية سكانها.
وجهاء وفاعلون بهذه المقاطعة اتصلوا بوكالة كيفه للأنباء خلال هذا الأسبوع، وقد دقوا ناقوس الخطر ورفعوا نداء عاجلا للحكومة الموريتانية من أجل اتخاذ المبادرة وتدارك السكان الذين يعيشون مجاعة صامتة ستؤول إلى مجاعة مدوية إذا لم توضع خطة عاجلة لمساعدتهم على تجاوز هذا المنعطف.