ركزت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية على التحديات التي تواجه القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، التي افتتحت أعمالها في العاصمة اللبنانية بيروت.
وشدد معظم الصحف على أن التحدي الأبرز الذي يواجه القمة هو انعقادها وسط مناخ من الخلافات والأزمات بين العديد من الدول العربية، مما حدا بعدد من المعلقين بالتشديد على ضرورة إنهاء هذه الخلافات قبل الخوض في أي تنمية اقتصادية واجتماعية.
وقد أنعكس هذا المناخ بتخلف 19 قائدا عربيا عن حضور هذه القمة.
"تحديات استثنائية وضاغطة"
يقول أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية إن "القمة التنموية في بيروت فرصة لمواجهة الأسئلة الصعبة، فرصة لطرح أفكار ومبادرات غير تقليدية لمواجهة تحديات هي، بطبيعتها، استثنائية وضاغطة".
ويرى أبوالغيط أن "عمليات التنمية على الصعيد العربي لا تجري في ظروفٍ سهلة أو على أرض ممهدة، وإنما تواجه تحدياتٍ أمنية تؤثر على مناخ الاستثمار في المنطقة، وتقلبات اقتصادية على الصعيد العالمي ستكون لها انعكاساتها المختلفة على الوضع الاقتصادي العربي الشامل".
وتقول "المستقبل" اللبنانية إن القمة تنعقد "في غياب الرؤساء والزعماء العرب الذين أرسلوا موفدين عنهم، باستثناء الرئيس الموريتاني، قبل أن يتم الاعلان عن مشاركة أمير قطر".
وترى "العرب" اللندنية أن الحضور المفاجئ لأمير قطر إلى قمة بيروت يمثل "خطوة تؤكد طبيعة السياسة القطرية التي تسير عكس التيار ورغبة من الدوحة في كسر عزلة عربية أحاطت بها نفسها بسبب سياسات غير محسوبة".
وتقول لما العبسه في صحيفة "الدستور" الأردنية إن "الأجدى بهذا الاجتماع أن يعقد لمحاولة رأب الصدع وتجاوز الخلافات بالقدر المستطاع، قبل الخوض في تنمية اقتصادية واجتماعية، فهذه التنمية لن تتحقق إلا إذا توفرت لها عوامل شتى على رأسها عامل الآمن والاستقرار والوفاق المشترك ولو كان عند أقل المستويات".
وتضيف أن "التحضير كان ينقصه تجاوز الخلاف العربي العربي الدائم والمتجدد، الذي يقف على الدوام حجر عثرة أمام تحقيق ما تصبوا إليه نفوس الشعوب".
ويرى فهد الخيطان في صحيفة "الغد" الأردنية أن "النظام العربي يعيش حالة إنكار لا مثيل لها في التاريخ، ويبلغ فيه الترف حد الدعوة لعقد قمة اقتصادية".
ويضيف: "جامعتنا العربية مترفة حقاً، فوسط حالة التفسخ والانحلال التي تعيشها الدول القُطرية العربية لا تجد مانعا من عقد قمة تنموية، وحين توجه الدعوات لا تجد من يلبيها من الزعماء غير صاحب الدعوة ورئيس الدولة المستضيفة".
ويختتم الكاتب مقاله بالقول: "يصبح الكلام مشروعاً عن تنمية عربية مشتركة وسوق اقتصادي عربي مفتوح، عندما تتمكن أقطارنا من تجاوز ويلاتها الداخلية وأزماتها الإنسانية المستفحلة".
ويسرد علي بهزاد في "الشرق" القطرية مجموعة من التحديات أمام القمة الاقتصادية العربية "أبرزها الاستثمارات التنموية، والاحتياجات الضرورية للفئات الأكثر حاجة للمساعدة، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهمية التمويل والتسويق في المشاريع، وتراجع قطاعيّ السياحة والثقافة في المنطقة العربية، والأمن الغذائي، والتمويل من أجل التنمية، والسوق العربية المشتركة، وإنشاء منطقة تجارية عربية حرة".
يقول نبيل هيثم في صحيفة "الجمهورية" اللبنانية إن "لبنان بعد القمة ليس كما كان قبلها، إذ أنه يدخل إليها مأزوماً، وسيخرج منها مأزوماً أكثر".
ويتساءل: "أليس من الأفضل للبنان أن يوفّر على خزينته شبه المفلسة، المليارات الـ 15 أو الـ 20 التي رصدها لتنظيمها ويستثمرها في ما يعود بفائدة عليه وعلى شعبه؟".
ويتساءل فراس ديب أيضا في صحيفة "الوطن" السورية: "من الذي ورَّط لبنان بهذه القمة، وبمعنى آخر: هل يتحمَّل لبنان الذي نحب وهو المنقسم أساساً على انقساماتهِ، أن يتم وضعهُ هكذا في وجهِ مدفعِ التجاذبات الدولية".
ويرى أن "عناوين رئيسية مثل ’القمم العربية’، ’الأمن القومي العربي’، ’التخطيط لمستقبل العرب الاقتصادي’ جميعها أفكار تندرج تحت عنوانٍ واحد: الضرب بالميت حرام".
ويشير حسام كنفاني في "العربي الجديد" اللندنية إلى احتمال وجود مؤامرة "لإفشال القمة أو عدم عقدها".
ويقول إن "التباكي اللبناني اليوم على ضعف المشاركة العربية في القمة الاقتصادية غريب، وربطه بضغط أمريكي أغرب، فإذا كان هناك مؤامرة فعلية لإفشال القمة، فهي مؤامرة داخلية، فالواضح أن أطرافاً رسمية فاعلة في لبنان لم تكن تريد لهذا الاجتماع أن يعقد في لبنان في الظروف الحالية".
"نقطة انطلاق"
ولم تخل بعض مقالات الرأي في الصحف العربية من نبرة متفائلة حيال عقد القمة.
ويقول عماد الدين أديب في صحيفة "الوطن" المصرية إن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط "يركز على أهمية مضمون القمة وقراراتها وآليات تنفيذها أكثر مما يحزن على غياب القادة".
ويضيف: "أحمد أبو الغيط يتجاوز نظرية نصف الكوب الملآن إلى ما هو أهم، وهو تلك الطاقة الإيجابية التى تجعله يؤمن بأنه ’دعنا نتفاءل، فعلى الأقل هناك نصف كوب ملآن بدلاً من أن يكون هناك كوب فارغ تماماً’".
وتقول "الجمهورية" المصرية في افتتاحيتها إن "هذه القمة الاقتصادية تمثل نقطة انطلاق حقيقية نحو استعادة القوة العربية الاقتصادية" خصوصاً أنها تأتي "في وقت تحتاج فيه الأمة العربية إلى التعاون والتكاتف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني والعسكري".
وتضيف: "إن التحديات الكثيرة التي تواجهها الأمة العربية في هذه الآونة تتطلب أن نكون يداً واحدة اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً وسياسياً وأمنياً. فحجم المؤامرات التي تحيط بنا كبير والتحديات جسيمة.. فقوتنا نابعة من وحدتنا".
وتقول "الأهرام" المصرية" إن هناك "٢٧ مشروعا لمحاربة الفقر وتحقيق التنمية العربية أمام قمة بيروت".
ويرى نصر زعلوك في "الأهرام" إن "الشعوب العربية أصبحت تعاني عدة مشكلات وأزمات مزمنة ومتصاعدة ينبغي أن تواجه بحسم ورؤية قابلة للحل مع التركيز على توصية أو توصيتين يمكن تنفيذهما ومتابعتهما لتحقيق التكامل بين الدول الغنية والفقيرة، فالمواطن العربي يستحق الكثير".
بي بي سي