قام عدد من العمد المتعاقبين على بلدية كيفه بمحاولات داخل السوق المركزي من أجل تنظيمه وفتح الطرقات وإزالة المشاهد المشينة، المسيئة لوجه المدينة من أخبية وأعرشة وغيرها من المناظر المشينة المحتضنة للأوساخ، والمشكلة لأخطار الحرائق في هذا السوق الهام.
تلك المحاولات انتهت إلى الفشل وعاد السوق في كل مرة إلى وضعه الفوضي.
الأصوات اليوم ترتفع للمطالبة بتنظيم هذا السوق وهو ما تردد في اللقاء الذي نظمه مؤخرا العمدة الحالي الدكتور جمال ولد كبود الذي رد بأن ذلك الموضوع يتميز بالتعقيد و أن صغار الباعة سوف يتضررون ورفض أن يقوم بخطة ستترتب عليها مضار كبيرة لبعض الأطراف دون أن يكون بوسعه التخفيف منها.
وهنا فإننا نرى أن تلك المطالب مشروعة وأن الذي أفسل المحاولات الماضية يعود للأسباب التالية التي إذا أمكن التعامل معها يمكن أن نعمل شيئا في هذا الشأن:
1- فقدان الإرادة الحقيقية لدى السلط البلدية المتعاقبة في مواصلة الإجراءات التنظيمية وخضوعها في النهاية الضغوط كبار التجار المستفيدين من الفوضى.
2- عدم خلق أي بدائل لصغار التجار وللبائعات الفقيرات لمواصلة الأنشطة التي هي مصدر رزقهن.
3- افتقار البلدية للكادر البشري وللمال اللازم لتنفيذ القرارات وفرض الإجراءات اللازمة.
4- غياب التعبئة والتحسيس اللازمين لإقناع المواطنين بضرورة "النظام" وترسيخ عقيدة "ضرورات المدينة" وخلق وعي ورأي عام يتجاوب مع مثل هذه الإجراءات.
5- إغفال حقيقة أن سوق الجديدة هو سوق شعبي بامتياز وليس سوقا عصريا وبالتالي فإن حيويته ونجاحه يقوم على ذلك الاختلاط والفوضى.
إن أي سياسية لتنظيم هذا السوق لا تراعي هذه المسائل لا يمكن أن تحقق نجاحا أو ديمومة.
إن واجب هذه البلدية وهي تريد تنظيم هذا السوق أن تحدد أماكن معينة أو شوارع أو تأهل الأسواق في بقية أحياء المدينة لصغار الباعة من مسوقي المواد الغابوية والخضروات والصناعات التقليدية وغيرها من الأنشطة الأكثر هشاشة وتبعثرا.
إن هذه البلدية لا يمكنها أن تتجاوز حاجة الفقراء إلى هذه الأنشطة كي يظلوا أحياء ،وإن أي عمل لا يأخذ هذا الأمر في الحسبان سيكون جائرا وسيصل إلى طريق مسدود كما كان يحدث دائما.
وبالمقابل فإنه بات من الضروري أن يعي كل مواطن سواء كان فقيرا أو غنيا أنه جاء من الريف إلى المدينة وهي المكان ذي الضوابط والشروط التي لا يمكن أن يهضمها أي أحد.
إن على هؤلاء أن يتعاونوا مع البلدية وأن يتبادل الطرفان التنازلات من أجل تنظم المدينة ومن أجل الإصلاح.
يجب على البلدية أن تنصف بسطاء الباعة ويجب على هؤلاء أن يرحموا أهلهم ومدينتهم.
لن تخلق الفوضى أية مصالح ولن تجلب غير الدمار، ولن ينجر عن الغبن وعدم الإنصاف وغياب الواقعية والدراسة غير الفوضى والاضمحلال.