بمناسة اليوم العالمي للغة العربية نظمت مساء اليوم 18 دجمبر 2018 جمعية الإحياء الثقافي، بالتعاون مع المرصد الموريتاني للغة العربية تجمعا ثقافيا حاشدا حضرته وجوه بارزة من الوسط الثقافي والفكري والسياسي إلى جانب حضور شبابي كبير ومتنوع غصت به جنبات القاعة واكتظت به ساحتها الخارجية، وبدت التظاهرة منذ الوهلة الأولى ذات بعد شعبي بعيد من التكلف، خصوصا حين أطلق كل من رئيس المرصد الموريتاني للغة العربية، الدكتور أحمد دولة ولد محمد الأمين ورئيس جمعية الإحياء ممو الخراش، أطلقا لنفسيهما العنان للحديث المرتجل، المؤكد على أن اللغة هي أبرز سمات المجتمع الإنساني، وما من حضارة إنسانية إلا وصاحَبَتها نهضة لغوية، وما من صراع بشري إلا ويُبطن في جوفه صراعًا لغويًّا، واللغة وهي العامل الحاسم الذي يشكل هوية الإنسان ويضفي على المجتمع طابعه الخاص، كما هو حال المجتمع الموريتاني الذي أرسى شيوخه وعلماؤه عبر أجيالهم المختلفة أن اللغة هي وعاء الدين وشرط الوصول إلى العلوم الشرعية، فحرص كثير منهم على ورعه وتقدمه في السن أحيانا داخل محاظرهم على تدريس نصوص الشعر الجاهلي بما فيها نصوص الغزل الفاحش والمجون، عملا بما قام به سلف الأمة منذ عبد الله بن عباس، وهذا الاهتمام والعناية من بين أمور كثيرة تفسر كيف سارت اللغة العربية مع المد الإسلامي الذي انطلق من شبه الجزيرة العربية، وابتلع لغات كثيرة اختار أهلها الإسلام دينًا.
التظاهرة تحدث فيها عدد كبير من الشعراء والكتاب والمثقفين وقدمت فيها ورقتان عن واقع اللغة العربية في موريتانيا، وأكدتا أنه إذا تخلى أي امرئ عن لغته واصطنع لغة غيرها، تحول تفكيره وفكره إلى مخزون تلك اللغة ودخائرها، وارتبط تدريجيًّا بعادات أهلها وقيمهم، كما أجمعت على أن من أشد ما يهدد الاستقرار والوحدة الوطنية ما نراه من تهميش وقتل لآلاف الشباب المكونين باللغة العربية وحرمانهم من حق العيش الكريم وفرص العمل التي أصبح الموجود منها محجوزا للمكونين باللغة الفرنسية مهما بلغت ضحالة وضعف تكوينهم.