بعد أربعين ليلة صاخبة قضاها في رحلة علاجية ما يزال الغموض يكتنف أغلب تفاصيلها، عاد الرئيس عزيز إلى البلاد في محاولة جد موفقة لوضع حد "للشائعات" التي راجت بشكل واسع حول حقيقة وضعه الصحي ووصلت لحد الحديث الجدي عن مرحلة ما بعد عزيز.
وخلال مقامه القصير في العاصمة نواكشوط، ترك الرئيس انطباعا قويا بأن حالته الصحية تحسنت لدرجة أنه تحدى علنا "من يصفونه بالعاجز" بأنه مستعد لإجراء اختبارات صحية معهم لمعرفة أيهم أعجز، إلا أنه خلال مؤتمره الصحفي كشف تفاصيل مثيرة طالما نفتها الجهات المقربة منه وهي أنه خضع لعمليتين جراحيتين في فرنسا! وهو ما يعني بوضوح أنه لم يكن خلال وجوده في المستشفى قادرا على متابعة شؤون الحكم في نواكشوط.
وفيما اعتبر نوعا من المصارحة، فاجأ الرئيس الرأي العام خلال نفس المؤتمر الصحفي بأنه عائد لإجراء بعض الفحوصات في فرنسا، إلا أنه تحدث عن فترة غياب "قصيرة" قد تصل أسبوعا أو عشرة أيام. واليوم وقد أصبحنا في اليوم الآخير من "العشرة أيام" التي اعتبرها أقصى حد لغيابه، ما يزال الرأي العام من دون أية معلومات عن الرئيس ولا عن تاريخ محدد لعودته حتى أنه ليست هناك أية معلومات رسمية تتعلق بمقامه في العاصمة الفرنسية ولا عن ما إذا كان الأمر يتعلق "بفحوصات روتينية" أم بتدخلات جراحية؟
ومع تقدم الوقت في ظل كل هذا التعتيم، تعود التساؤلات التي كانت مطروحة قبل عودة الرئيس بقوة: من يدير البلاد؟ ما هي حقيقة الوضع الصحي للرئيس؟ كم من الوقت يتطلبه علاجه؟ لماذا يذهب الرئيس من دون كبار معاونيه؟ وأي لغز وراء "غيبة" الرئيس وانقطاعه بالكامل عن العالم الخارجي مادام هو الذي يدير فعلا دفة الأمور...؟
ومع عودة تلك التساؤلات وبقائها من دون أجوبة، تبرز تساؤلات أخرى ليس من أقلها حيوية ذلك التساؤل المتعلق بعودة الرئيس ومظاهر الاحتفال الضخمة والحركية التي رافقتها: هل كل ما عشناه حينها كان مجرد خدعة كبيرة لكسب بعض الوقت؟ وهل سيعني ذلك أن الحقيقة مغايرة تماما لما تم تمريره؟