سأحاول خلال أيام الحملة أن أبرق برسائل مختصرة جدا إلى الناخب الموريتاني، وستكون هذه هي الرسالة الخامسة التي سأضعها في صندوق بريد الناخب الموريتاني خلال موسمنا الانتخابي هذا.
في هذه الرسالة الخامسة سأستعرض معكم بعض الأسباب الوجيهة التي تجعل من الدعوة لعدم التصويت لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية دعوة وجيهة ومبررة.
أولا : على الناخب أن يُعاقب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بالتصويت ضده، فترشيحات هذا الحزب لم تخضع لأي منطق، فلا هي كانت بالترشيحات السياسية التي تعطي الأولوية للقيادات الحزبية، ولا هي كانت بترشيحات من أجل المواطن ومصلحته، بل على العكس فقد كانت ضد مصلحة المواطن، وشكلت ـ في مجملها ـ إساءة إلى هذا المواطن، وإليكم أمثلة سريعة تؤكد ذلك:
1ـ على رأس اللائحة الوطنية الأهم، أي اللائحة المختلطة، تم اختيار المفوض المكلف بحقوق الإنسان ومكافحة الفقر وبالدمج في آخر عهد ولد الطايع، فهل فيكم من يتذكر خدمة قدمها هذا المفوض لفقراء موريتانيا في عهد ولد الطايع حتى يتم ترشيحه على رأس لائحة وطنية في العام 2018؟ وفي نفس اللائحة، أعيد ترشيح نائب مقاطعة أمورج ومُنح رقم 3 على اللائحة، وذلك على الرغم من أنه لم يعرف بمداخلة واحدة تنحاز للمواطن، ولم يهتم بمشاكل مقاطعته التي مات فيها الناس جوعا في قرية ازرافيات. كانت مداخلته الوحيدة التي عُرف بها هي تلك التي دعا فيها إلى تأسيس مملكة في موريتانيا مع منح لقب ولي العهد لأحد أبناء الرئيس.
2ـ على رأس اللائحة الجهوية لنواكشوط، تم اختيار عمدة وشيخة سابقة لم تعرف بأي انجاز أو أي انحياز للمواطن، بل على العكس من ذلك، فقد احتاجت في بعض الأحيان إلى استدعاء فرقة عسكرية لحمايتها من غضب المحتجين في مقاطعة السبخة.
3ـ على رأس لائحة كبني التي تضم ثلاثة نواب تم اختيار النائب باباه ولد أحمد بابو الذي ظل نائبا منذ العام 1992، أي منذ ما يزيد على ربع قرن، ومع ذلك لا تذكر له مداخلة واحدة انحاز فيها للمواطن، وربما يكون أكثركم لا يتذكر ملامح هذا النائب. وفي مقاطعة أوجفت تم اختيار النائب محمد المختار ولد الزامل الذي مثل هذه المقاطعة لعقدين من الزمن ومع ذلك لا تذكر له مداخلة واحدة انحاز فيها للمواطن، وفي شنقيط تم اختيار العربي ولد جدين الذي كان النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية، وعلى الرغم من ذلك فقد رفض أهل شنقيط التصويت له في انتخابات 2013، فما كان من الحزب إلا أن رشحه في العام 2018. إن الأمثلة كثيرة، ولا يتسع المقام لبسطها، وفي المجمل فإنه يمكن القول بأن ترشيحات الحزب الحاكم توزعت على أركان نظام ولد الطايع، وعلى المنتخبين الذين عرفوا بأنهم كانوا الأسوأ أداءً، هذا بالإضافة إلى شخصيات مغمورة لم يعرف لها أي حضور في المشهد الوطني. إن على من سيصوت لمثل هذه الترشيحات أن يعلم بأنه قد أساء إلى نفسه وإلى وطنه، ومن يفعل ذلك لا يلومنَّ إلا نفسه إذا ما تعرض في السنوات الخمس القادمة لمزيد من الإذلال والاحتقار من طرف من اختار بإرادته أن يمثلوه في البرلمان وفي المجالس الجهوية والبلدية.
ثانيا : لقد قال الرئيس محمد ولد العزيز تلميحا وتصريحا بأن من يريد مأمورية ثالثة عليه أن يصوت لمرشحي الحزب الحاكم، ولذا فإن الانتخابات القادمة ستكون بين من يريد مأمورية ثالثة ومن يقف ضدها، ومن هنا يكون من واجب كل من يخاف على مستقبل بلاده أن يصوت ضد الحزب الحاكم، فالتصويت للحزب الحاكم يعني تشريع مأمورية جديدة، وتشريع مأمورية جديدة يعني تشريع انقلاب عسكري جديد قد يضع البلاد أمام منزلقات خطيرة.
ثالثا : إن المنطق والأخلاق والفطرة السليمة تقول بضرورة الانحياز لمرشحي المعارضة، وذلك لأنهم ـ وحسب التجارب السابقة ـ يكونون في صف المواطن، ويتأكد الأمر عندما تكون المنافسة غير شريفة وغير متكافئة، فالحزب الحاكم يستخدم موارد الدولة في حملته، بينما تعتمد المعارضة على موارد شحيحة جمعتها من مناضليها بعد عشر سنوات من المحاصرة والتضييق والتهميش.
رابعا: إن عقدا من الزمن يكفي، ويتأكد الأمر بالنسبة لنظام كانت حصيلته هزيلة جدا خلال هذا العقد.
وفقنا الله جميعا للتصويت للأكفأ وللأفضل..
حفظ الله موريتانيا...