لأن السماء لا تمطر ذهبا ولأن ذهب الارض ينهب بعقود مجحفة لا تترك لفقراء المنكب المبرزخي إلا 3% من عائدات ذهبهم الذي ذهب به الآخرون... ولأن الكرم هجر هذه الارض منذ اقدم الدهارير ولأن سماسرتها يعطون باليد ما يأخذون اضعافه بالاخري وبكل الطرق الملتوية، يحق لنا أن نتساءل عن مصدر او مصادر تمويل كرنفال عودة الرئيس وعن حجم تكاليف علاجه وعن مسوغات هذا التبذير الهائل في أو قات العسرة...
فخلال خمسة عشر يوما طبع ازيد من 20000 بوستر ملون واعدت آلاف اللافتات واجرت عشرات آلاف السيارات وعطلت المرافق العمومية وحرك مئات آلاف المواطنين في العاصمة وداخل البلاد وتحولت الجمهورية إلي وكالة دعاية لا يحكمها أي منطق...
وقدرت مصادر موضوعية تكاليف الكرنفال وما قبله بأزيد من 1 مليار أوقية كلها مقتطعة من اقوات الفقراء الجياع ومحصلة من دافعي الضرائب المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة... تقتطع ارزاقهم ويفوجون كالقطيع صباح اليوم المشهود لرفع شعارات لا يفهمون دلالاتها لحظة عبور الرئيس. فلماذا كل هذا الجنون ؟ ولماذا كل هذا التبذير ؟ ولماذا تهدر الأموال العامة في غير محلها ؟ ومن امر بصرفها ولتحقيق أية غاية ؟ ولماذا لا يحاسب ؟ ألم تكن هنالك أولويات أخري مثل توفير الدواء والماء الشروب لآلاف المواطنين في الداخل ؟
على أية حال لن يستطيع المبذرون إقناع أي احد بأن "كرماء خاصين " تكرموا بتغطية تكاليف كل هذا البذخ " فهؤلاء الكرماء " طفيليون شغلهم الشاغل التحايل على الدولة ونهب المال العام. وإذا قبلنا تجاوزا ان تكاليف علاج الرئيس ونقاهته وكلفة حاشيته يمكن ان تكون على حساب الدولة يكاد يكون من المستحيل تبرير تكاليف الكرنفال الأخرى التي لا تصنف إلا في خانة التبذير والفساد المفرط السافر الذي يهدم الأمم ولا يبنيها... فمتي تكون المساءلة ؟ متي تكون المحاسبة ؟ متي يتوقف كل هذا الفساد وكل هذا الجنون ؟
محمد سالم جيباه