كان خطاب والي لعصابه أمام جمع من الشباب والمهتمين بحضور بعثة من المجلس الأعلى للشباب مساء اليوم لافتا لما حمل من معاني كبيرة وتوجيهات نيرة ونظرة لامعة ومتحضرة للأمور.
الوالي قال في تعليق على بعض المداخلات في هذا الاجتماع إن القبلية مسألة مقيتة وأنها تتعارض إلى أبعد الحدود مع مقتضيات وشروط الدولة الحديثة، مبرزا أنها إطار اجتماعي بدائي عفا عليه الزمن و لم يعد اليوم أحد بحاجة إلى الارتماء فيه بعد توفير الدولة للخدمات، وقال إنه لم يعد للقبيلة من دور غير القيام بدفع الدية عن ابنها القاتل وهو الأمر الذي ستتخذ الدولة اتجاهه خطوات تأمينية تريح القبلية منه.
وأضاف الوالي أن الشباب ينبغي له أن يستحي من ذكر القبيلة أو الانتماء إليها.
ثم استطرد " هذا الكلام ليس في صالحي فأنا ابن أسرة اقطاعية، لكنها الحقيقة التي يجب أن تقال".
الوالي أيضا حث على العمل وقال إنه من شيم الأنبياء ودعا إلى نبذ الكسل والخمول والإتكالية .
كلام توجيهي جميل كانت مردودية وفائدته ستكون ماثلة وذات أثر بالغ لو اعتمده الوالي خلال السنوات الماضية من مأموريته هناك بدل ترديد خطاب وحيد هو ذكر محاسن النظام والتحدث بانجازاته والإطناب في أن كل شيء على ما يرام.
إن السؤال الذي سوف يخالط كل لسان هو كيف سمح الوالي - وهو الذي يدين القَبلِيَة بهذا الشكل - بالاجتماعات القبلية الهدامة وأبواقها تصك سمعه طيلة أشهر السنة؟ وكيف سمح لنفسه أن يرخص هذه الاجتماعات أو يتغاضى عنها؟ وكيف قبل أن توظف هذه القبائل في سياسات الحزب الحاكم بأبشع الصور؟
إن المسؤولية في هذه الصحوة القبلية الخطيرة تعود أولا إلى السلطة التي تبجل رؤساء القبائل وتعتمد عليهم في جمع الأصوات وتمرير ما يحلو لها من قرارات على حساب الأحزاب السياسية والتنظيمات المدنية.
خطاب الوالي مساء اليوم يثير الإعجاب و يبعث الأمل في النفوس فهل هي صحوة ضمير؟ أم هو طيف عابر من أفكار تقدمية آمن بها الرجل في وقت من الأوقات قبل أن تطمر بعيدا بفعل تراكم ثقافة المخزن؟أم هي خطبة وداع؟