يبدو أن الحرب الخفية بين المنسقية والتلفزة الوطنية، بدأت تأخذ أشكالا جديدة، ففي نشرة أخبار الثامنة من مساء الخميس 22 نوفمبر، أفصحت التلفزة الرسمية، عن طريقة مبتكرة، في مصادرة المسيرة والمهرجان اللذين نظمتهما المنسقية يوم الأربعاء الماضي.
هذه الطريقة الجديدة والتي يمكن أن نطلق عليها مجازا "المصادرة دون المصادرة"، تقضي ببث جزء من مداخلات قادة المنسقية، وبث صور لجوانب من منصة المهرجان، وتجاهل تام للجماهير الحاضرة، حيث لم يتضمن العنصر أية صور للمسيرة أو لقطات كبيرة، تظهر حجم حضور المهرجان. هي فقط لقطات قريبة جدا لزعماء المنسقية، توحي بأنهم يتحدثون في قاعة مغلقة أو في صحراء مقفرة، ولقطات أخرى للأماكن الشاغرة في المنصة، ولولا أن التلفزة تفضلت ببث بعض المقاطع من حديث قادة المنسقية، لظن البعض أن الأمر يتعلق بأي شيء آخر، سوى "مهرجان الأربعاء".
وتشاء الصدف أن يكون العنصر الموالي متعلقا بالمهرجانات التي ينظمها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، في عدد من مقاطعات العاصمة هذه الأيام، وتشاء الصدف أن تعود اللقطات "البانورامية" الكبيرة التي تظهر الحضور، وتشاء الصدف أن يكون الوقت المخصص للتقرير الثاني أطول من الوقت الذي حظي به سابقه.
يذكر أن منسقية المعارضة كانت قد نهرت التلفزة مؤخرا، للكف عما كانت تقوم به من بث لصور رئيس الجمهورية المصحوبة ببعض الأغاني، وهو ما اعتبرته المنسقية "دعاية سياسية". ورغم أن التلفزة استجابت لطلب المنسقية بهذا الخصوص، إلا أنها لم تلق بالا لطلبها الآخر المتعلق باستئناف البرامج الحوارية، التي توقفت فجأة ودون سابق إنذار، منذ إصابة الرئيس بطلق ناري في ال13 من أكتوبر الماضي.
ويحير السبب وراء توقف هذه البرامج العديد من المراقبين، خاصة وأن وزير الاتصال طالما دعا المعارضة إلى المشاركة فيها، واعتبرها أسطع دليل، على دخول الإعلام الرسمي عهدا جديدا من الحرية، سيفتح على تأسيس إعلام عمومي حقيقي. وقد شهد الإعلام الرسمي في الفترة الأخيرة انتكاسة كبيرة، بعدما كان قد قطع خطوة هامة، على طريق عملية التحول نحو الإعلام العمومي.
ويرجع العديد من المراقبين أسباب هذا التقهقر إلى سيطرة وجوه من "الحرس القديم"، على مؤسسات الإعلام الرسمي، وكذلك على السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، التي ما زالت تتفرج على ما ترتكبه تلك المؤسسات من أخطاء مهنية فادحة، دون أن تزجرها ولو بشطر كلمة، مع أن مهمتها الأساسية تتلخص في السهر على عدالة توزيع الحصص الإعلامية، بين مختلف أطراف المشهد السياسي الوطني .
آراء حرة