نائب كرو الحالي محمد يسلم ولد عبدو الله يمتلك جرافة يؤجرها للساعة الواحدة بتعريفتين: عادية تبلغ 25 ألف أوقية، وزهيدة في حدود عشرة آلاف.
تجمعني بسلاّم أواصر الأخوة ووشائج المحظرة، وعندما طلبت منه عام 2015 أن يوصي المعنيين بأن يؤجروا لي بالسعر المخفض، رفض طلبي دون تردد وأوضح لي أن التسعيرة المخفضة ذات طابع اجتماعي: الشرائح الهشة والتعاونيات وصغار المزارعين.
إذن، الجرافة تخوض الحملة في كرو منذ سنوات وتُقيم الحواجز والمتاريس أمام عربات حزب الاتحاد من الجمهورية.
مؤخرا، شهدت المقاطعة نشاطا محموما للحزب الحاكم بدأ بالانتساب ثم تنصيب الوحدات ورؤساء الفروع والقسم، وانتهى بتقديم لوائح بأسماء المترشحين للوظائف الانتخابية.
لكن بدا أن الصرامة التي اعتمدها الحزب في الانتساب تخلى عنها عندما وصل إلى مرحلة الترشيحات.
ومن خلال قراءة قوائم الترشيحات المقترحة، يتجلى أن الحزب الحاكم يسير على درب هزيمة 2013.
* تضم القوائم المحسوبة على معالي وزير المياه الأخ يحيى ولد عبد الدايم ثلاثة مرشحين سابقين، اثنان منهما خسرا عام 2013، والثالث خسر في مواسم عديدة سابقة. ومن ضمن هذه القوائم يوجد اثنان يوصفان بأنهما رجلا أعمال.
** أما معالي وزير الصيد الوافد على الساحة السياسية في كرو، فتتكون قائمة الترشيحات المحسوبة عليه من ثلاثة عُمد سابقين ورجل أعمال.
***
قبل التعليق على هذه القوائم، أشير إلى أننا نستسهل إطلاق صفة رجل أعمال، ونخلطها بصفة الثري.
إن رجل الأعمال شخص ناجح يدير مؤسسات وشركات تمس حياة الناس وتؤثر في سوق العمال، وأساس ثورته تفكيره وتخطيطه.
أما الثري فهو أي شخص يمتلك المال بغض النظر عن مصدره. فمثلا، قارون كان ثريا، ولكنه لم يكن رجل أعمال. اهـ
***
إن القواسم المشتركة بين هذه القوائم هي:
1. عزوفها عن التغيير ومناعة القائمين عليها ضد التأثر والتأثير.
الفريق الأول عاد للانتخابات بطاقم الخسارة لعام 2013، وفي هذا إكراه للناس وتقليل من وعيهم، وربما رهان على أن الانتخابات ستحسمها أوامر عليا ولا قيمة لإرادة الناخبين.
كما تقدم الفريق الثاني بقائمة معظمها من رجال القرن المنصرم، إذ تضم عمدتين من حقبة الثمانينيات والتسعينيات، بالإضافة إلى العمدة الحالي.
لا يمكنني أبدا التقليل من شأن هؤلاء، لكنني لا أرى سببا للزج بهم في هذا العصر، فليس بينهم رجل بحجم مهاتير محمد حتى نتفهم أنه عاد لانتشال المدينة من العطش والظلام والجفاف والجريمة.
2. تغييب المرأة والحراطين عن ترشيحات الفريقين. وبينما يضم الفريق الأول رجالا تجاوزوا الخمسين، يمكن تسمية الفريق الثاني بأنه ناد للمسنين.
3. عدم تمثيل قوائم الجانبين لكل مكونات المقاطعة، فلم تمثل في هذه الترشيحات مناطق اتويقيدة وانتاكات وبغداد وزمزم، رغم أنها تشكل حوالي ثلث سكان بلدية كرو.
4. غياب جميع المرشحين عن الساحة المحلية، فهؤلاء الإخوة الكرام يفدون إلى المقاطعة في مناسبات الانتخابات وزيارات الرئيس، لكننا نفتقدهم – للأسف - عند اشتداد الجفاف وانقطاع الكهرباء والمياه وتمدد الجريمة في المدينة.
5. يعتمد معظم هؤلاء على تطمينات من جهات عليا، وعلى حسابات اجتماعية من المرجح أن تخذلهم، خصوصا أن بعضهم ليس أصلا من أبناء المقاطعة.
ولكن ما دلالة هذه القواسم المشتركة؟
إنها تعني أنه لا يمكن للمتقاعدين والغائبين والخاسرين السابقين منافسة سلاّم ولد عبدو الله والقاسم ولد السالك والأستاذ صداف ولد آد والشيخين الناجي ولد داهي ومحمد فاضل ولد محمد الراظي.
إن ساسة حزب "تواصل" محليون انتماء وحضورا: ينحدرون من المقاطعة ويتواجدون فيها صيفا وشتاء، يعلّمون الناس ويمدّون لهم يد العون في النائبات.
نعود للبداية:
لا قدرة لـ"شاريت" على مناطحة أكرادير، وليس أمام حزب ولد عبد العزيز سوى خيارين للتعاطي مع هذا الواقع:
الرجوع إلى الناس لترشيح شخصيات قادرة على المنافسة وتمثل مختلف الشرائح والمكونات.
القبول بتكرار هزيمة 2013 أمام حزب تواصل.
علما بأن الهزيمة قد تتعمق وتتحول إلى نكسة إذا ما شارك حزب التحالف الديمقراطي في الاستحقاقات المحلية.
إن بلديتي ويد اجريد وكامور تشكلان خزانا انتخابيا لأهل امين، وإذا ما تحالفوا مع "تواصل" فربما يجدر بالاتحاد من أجل الجمهورية التعويل على أصوات الناخبين في فلوريدا.