تعيش كواليس الساحة السياسية هذه الأيام على وقع بوادر خلاف، ما زال يدور في الخفاء، بين رئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بلخير والوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف. ويبدو أن الخلاف بين الرجلين ربما يخرج للعلن في شكل شد وجذب عنوانه العريض الوضع الصحي لرئيس الجمهورية، الذي يصر الوزير الأول على أنه طبيعي وفي تحسن مستمر، بينما تزداد قناعة مسعود يوما بعد يوم بأنه لا مناص من المطالبة بتقديم طلب بتسليمه نسخة من الملف، في ظل ما يعتبره تعتيما رسميا في غير محله. ويرى مقربون من رئيس الجمعية الوطنية أنه تعرض لخدعة من طرف الحكومة حينما ألمح إلى إمكانية تقدمه بطلب استلام الملف الصحي للرئيس، فرتبت له بدلا من ذلك مكالمة مع ولد عبد العزيز اتضح فيما بعد أنها لم تكن خاصة به بوصفه رئيساً للجمعية، بل إن الكثيرين تواصلوا مع الرئيس في الأيام اللاحقة. وفي يوم الثلاثاء الأخير اتصل مسعود بالوزيرً الأول مستفسرا عن حالة الرئيس الصحية وعن موعد عودته، فرد الوزير بأن ولد عبد العزيز في صحة جيدة وسيعود خلال أيام، فرد مسعود بأن أياما لا يمكن أن تتجاوز أسبوعا واحدا، وقال إنه سينتظر انتهاء تلك الأيام قبل أن يتصرف بمقتضى حقه الدستوري المتمثل في طلب استلام الملف الصحي للرئيس، وربما إعلان شغور المنصب الرئاسي إذا اقتضى الأمر. الرئيس مسعود، وبعد أن افتتح الدورة البرلمانية واتصل بالوزيرً الاول، غادر إلى ولاية الحوض الشرقي في إجازة قيل إنها لمدة أيام، وفي حال عودته قبل عودة الرئيس إلى نواكشوط فسيقوم باتخاذ خطوات مهمة ومصيرية، حسب تعبير مصدر مقرب منه تحدث للسفير. هذه التطورات تأتي في ذروة تأزم العلاقة بين ولد بلخير والأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وذلك على خلفية اتهامه لها بتهميش مبادرته، ومحاولتها التواصل مع المنسقية دون المرور بجسر المبادرة التي لقيت قبول المجتمع المدني وجزءا واسعا من الأحزاب السياسية، وتثمين المنسقية لها. المراقبون يرون أن الرئيس مسعود يمسك الآن عصا التجاذبات السياسية من الوسط، وباستطاعته تغيير الكفة لصالح هذا الطرف أو ذاك، خاصة فيما يتعلق بإقرار مجلس رؤساء الجمعية الوطنية لاستجواب الوزير الأول أمام نواب الجمعية حول حادثة إطلاق النار على الرئيس وحالته الصحية وموعد عودته. فالمكتب يتألف من 18 عضوا نصفهم من المعارضة، بالإضافة الى رئيسه، الذي هو رئيس الجمعية الوطنية، والذي باستطاعته تعزيز موقف أحد الطرفين بالتصويت لصالحه، وسيصوت الأسبوع المقبل على طلب نواب المعارضة استجواب الوزير الأول. فمتى سيعلم الوزير الأول المعين أن رئيس الجمعية الوطنية المنتخب يمنحه الدستور من الصلاحيات والحصانة ما يجعله الأبقى والأقدر على المواجهة؟ أم أن عين الوزير الأول التي باتت مشدوهة نحو القصر الرمادي، بتشجيع ومباركة من بعض القوميين، لم تعد تميز الفوارق الكبيرة بين مناصب التعيين والانتخاب؟
السفير