إن المتتبع لجميع النشاطات السياسية التي تشرف عليها السلطة الحاكمة سيلاحظ بما لا يدع مجالا للشك حرص القائمين على تلك النشاطات على تأجيج الصراعات و التنـــــــافس بين مختلف الجـــــــــهات و القبائل و هم بذلك يطبقون المقولة الشهيرة فرق تسد، فهــــــــــــذه الصراعات تشكل مطية سهلة الركوب لتحقيق الأهداف المنشودة في كل الاستحقاقات المحلية و الوطنية.
لقد أثبتت التجارب الانتخابية السابقة نجاعة هذا النهج في تحقيق الأهم بأقصر الطرق و أقل التكاليف، فالجهات و القبائل تدفع دفعا إلى تنافس محموم على إظهار الولاء و الإخلاص ، و الطاعة العمياء لصاحب السلطة في انتظار مكاسب مادية أو معنوية – في أغلبها خصوصية - قد تتحقق و قد لا تتحقق بينما يكون المستفيد الوحيد و الرابح الأوحد من ذلك التنافس – الذي يصل في بعض الأحيان إلى حد التقاطع و التدابر بل و التشاجر- هو ثلة قليلة ممن لا يجدون راحة بال و لا اطمئنانا إلا في وجود ما يتغذون عليه من نزاعات مستمرة بين كل مكونات هذا الشعب و في جميع جهات هذا الوطن. من المؤسف أن هذا النهج الديمقراطي الأعرج يسود في مجتمع إسلامي كان من اللازم أن يكون منهجه الشورى عملا بقوله تعالى:
<< و أمرهم شورى بينهم>> و هو منهج لا يقوم مطلقا على الخداع و التحايل و التزوير و إنما يقوم على الصدق و الوفاء ، و الاحترام المتبادل و تقديم الصالح العام على المصالح الأنانية و الضيقة.
من المؤسف أيضا أن تكون قدوتنا في هذا النهج الذي نتبعه أنظمة كفر لا تريد للمسلمين خيرا و لا للإسلام رفعة بل إن الهم الوحيد لهذه الأنظمة هو زرع الفرقة و الشقاق بين الشعوب المسلمة لتبقى هذه الشعوب متفرقة فالفرقة ضمان الفشل، وخائفة و الجبن ضمان الهزيمة، و مغلوبة على أمرها و الغلبة ضمان التبعية.. اللهم من أراد بهذا الوطن و أهله المخلصين له سوءا فرد كيده في نحره و اجعل تدبيره تدميرا له.