منذ 13 أكتوبر والرأي العام الوطني مشغول بإصابة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، قلق علي صحته ومتلهف لسماع أي خبر يسلط ضوء و لو خافتا علي مستوي إصابته ومكان وجوده وتاريخ عودته.
لقد كثرت الآراء والاجتهادات حول وضعية الرئيس الصحية و تعددت الروايات والتحليلات وأصبحت الشائعات المصدر الأول والأخير للمعلومة و قد أجمع كل المتتبعين للحدث علي أمرين هما :
1 ــ أن إصابة الرئيس ليست بسيطة ،عكس ما صرح به وزير الاتصال ليلة الحادث ، أو أن طارئا ما طرأ على صحة الرئيس بعد خرجته الإعلامية من الطب العسكري هنا في انواكشوط حال دون خروجه في وسائل الإعلام مرة أخرى، رغم ولعه الشديد بتلك الخرجات الإعلامية.
2 ــأن الحكومة ـ كغيرها من المواطنين ـ لا تمتلك معلومات دقيقة عن صحة الرئيس أو أنها عاجزة أو ليست معنية بالرد علي أسئلة المواطنين المتعلقة بصحة الرئيس و التي منها على وجه الخصوص :
كيف أصيب الرئيس و أين ؟ هل في القصر أم في لكصر أم في مكان آخر؟
من أصاب الرئيس ؟ و ما مستوى إصابته و أين يوجد الآن ؟ و متى سيعود؟
هذه الأسئلة هي ما يريد المواطنون بمختلف مستوياتهم الرد عليها و قد فشلت الحكومة حتى الآن في إقناعهم بالرواية الرسمية رغم المحاولتين الهزيلتين السابقتين رواية وزير الإعلام و التمثيلية العسكرية سيئة الإخراج مما حول الحكومة عند جميع المواطنين من فاعل أول في الساحة السياسية إلى متهم بحجب حقيقة ما تعرض له الرئيس و ما آل إليه وضعه الصحي و للخروج من هذه الوضعية لجأت إلى صورة جامدة و خطاب مكتوب الأمر الذي عمق أزمة انعدام الثقة بينها و بين المواطنين ففضلت التواري عن الأنظار عسى أن تجد مخرجا صلبا من ورطتها ، فهل كانت المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس مسعود مع رئيس الدولة هي ذلك المخرج المنتظر من طرف الحكومة ؟ وهل كان ذلك محض صدفة أم كان بترتيب مسبق ؟
بغض النظر عن هذا وذاك فهل أضافت تلك المكالمة شيئا جديدا يسهم في الإجابة عن تساؤلات المواطنين؟ هل ـ مثلا ـ عرف الرئيس مسعود متى سيعود رئيس الدولة ، وهل هو قادر على القيام بمهامه و أين يوجد ؟ أم انه اكتفى بسماع صوت الرئيس و الاطمئنان على أنه مازال حيا يرزق ؟ .
و مع أننا لا نشكك في حرص الرئيس مسعود على مصلحة البلد و سعيه الدأوب لتجنيبه كل المخاطر والمنزلقات التي قد تعصف به خاصة بعد فراغ منصب الرئيس بفعل الرصاصة الطائشة، إلا أن ذلك لا يمنعنا من أن نرتاب في توقيت هذه المكالمة خاصة و أنها تأتي يوما واحدا قبل مهرجان المعارضة ، و باقتراح و ترتيب من الوزير الأول ، و عبر موزع الرئاسة ، وبعد يوم واحد من توزيع الرئيس مسعود لمبادرته الداعية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، و إبعاد الجيش عن السلطة، و هي أمور مقبولة عند بعض أقطاب الطيف السياسي .
فهل أرادت الحكومة ـ عن طريق هذه المكالمة ـ إبعاد الرئيس مسعود عن فضاء المشاورات التي دعت لها بعض الجهات السياسية لإخراج البلد من الوضعية التي يوجد فيها الآن؟ هل أرادت أن تبقيه إلى جانبها في هذا الظرف الذي تواجه فيه تحديات قنطرة غير مسبوقة ؟ أم أنها أرادت أن تتفادى حرج الرد على مبادرته بترتيب المهاتفة مع صاحب الشأن مما يعني بقاءه خارج اللعبة إلى حين عودة الرئيس محمد ولد عبد العزيز أو معرفة حقيقة وضعه الصحي على الأقل ؟
مهما يكن فالمسلمة التي لا مراء فيها ،هي أن حكومة ولد محمد لغظف يهمها أن تبقى الأمور على ما هي عليه و أن لا تدفع لاتخاذ أية مواقف قد تحسب عليها أمام صاحب القصر سواء كان الغائب المنتظر أم وافدا جديدا غيره ، المهم عندها أن ترتع في مرعاها مادام فيه مرتع ، فهل يدرك الرئيس مسعود هذه الحقيقة ؟ و هل أدرك و لو بعد فوات الأوان أن المكالمة الهاتفية كانت فصلا آخر من فصول مسرحية " الرصاصة الطائشة " مثل بين القصر و مبنى الجمعية الوطنية خدمة لنفس المسلمة ؟