عزّز تبرّؤ جماعة "أنصار الدين" التي تسيطر على أجزاء من شمال مالي، من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الموقف الجزائري الداعي إلى تغليب الحل التفاوضي في الأزمة الأمنية التي تعصف بمنطقة الساحل.
فقد أعلن زعيم "أنصار الدين" إياد اغ غالي، استعداد الجماعة للتبرؤ من العلاقة المنسوبة إليها بشأن انتمائها لتنظيم القاعدة، وهو ما يريح الموقف الجزائري ويعزز من قوته، وبالمقابل، يجعل التصنيف الفرنسي الذي يضع كافة الجماعات الإسلامية المسلحة في شمال مالي في كفة واحدة، محل اختبار بشأن صدقيته. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، قد رفض في وقت سابق التمييز بين الجماعات المسلحة الناشطة في شمال مالي، ورماها جميعا بتهمة الإرهاب، في موقف بدا أنه يستهدف تبرير الرغبة الفرنسية الجامحة في الحل العسكري للأزمة المالية، بالرغم من تحفظ الدول المجاورة لمالي، وفي مقدمتها الجزائر بخصوص هذا المسلك. وترى المقاربة الجزائرية بشأن حل الأزمة في شمال مالي، أنه يجب التفريق بين "حركة التوحيد والجهاد"، التي جاهرت بالانتماء لتنظيم القاعدة، وبين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد (حركة علمانية)، وجماعة أنصار الدين ذات الخلفية الدينية، لكنها تنآى بنفسها عن أية علاقة بالتنظيم الجهادي العالمي الذي أسسه المغتال أسامة بن لادن.
وتندرج الزيارة التي يقودها ممثلون عن "جماعة أنصار الدين"، لكل من الجزائر وبوركينا فاسو، ضمن المقاربة الجزائرية، التي ترى أنه من غير الطبيعي إقصاء أطراف فاعلة في الأزمة المالية، تنبذ الإرهاب وقادرة على المساهمة في إيجاد حل لهذه الأزمة، على غرار "جماعة أنصار الدين"، أما الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وإن كانت غير متهمة بالإرهاب، غير أن تأثيرها غائب عن الأرض منذ أن غادرت قواعدها في إقليم الأزواد باتجاه العاصمة البوركينابية، بعد هزيمتها عسكريا أمام غرمائها الإسلاميين المسلحين، أسياد المنطقة على الأرض.
وتقول الجماعة إن الهدف من زيارة ممثلين عنها للجزائر وبوركينا فاسو، هو "نقل وجهة نظرنا إلى الوسيط البوركينابي حول الحل الذي نراه، كما أن الجزائر ظلت وسيطا دائما في كل الأزمات التي عرفتها المنطقة، ورعت الاتفاقات السابقة لحلها، ولذا أردنا توصيل وجهة نظرنا إليها، ونحن نريد حلا جذريا، بعيدا عن الحلول الظرفية أو المؤقتة"، كما جاء على لسان المتحدث باسم الجماعة سند ولد بوعمامة، في حوار خص به جريدة "الأخبار" الموريتانية.
وضمن هذا السياق، التقى ليلة الأحد إلى الاثنين، ممثلو "أنصار الدين" بواغادودغو مع رئيس الدبلوماسية البوركينابية جبريل باسولي، باعتباره مفوضا عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي طالبها مجلس الأمن الدولي، بإعداد خطة للتدخل العسكري في شمال مالي، في مدة لا تتجاوز نهاية الشهر الجاري، وذلك بعد أن التقى بوزير الخارجية المالي، تييمان كوليبالي، الذي ينتظر أن يعود بحصيلة لقائه بممثلي "أنصار الدين" لعرضها على حكومة بلاده. أما المفاوضات بين الفريق الآخر والطرف الجزائري، فتبقى تلفها الكثير من السرية.
الشروق الجزائرية