ليس من طبيعة المؤمن أن يفقد الأمل، لكنه قد ينقص، لأنه مبدئيا منهي عن ذلك نهيا باتا.قال الله تعالى: "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".لكن تراكم الأزمات وطول فترة الحكم العسكري وترسيخ الطابع الخصوصي ،في تسيير الشأن العام، يدفع إلى تناقص الأمل في سرعة الانفراج وتغيير الواقع السلبي القائم المزمن.
أيام الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع، كانت نواقص التسيير متعددة، لكن بسبب الانفتاح النسبي على الجميع تقريبا، كان الأمل موجودا، ولا يستبعد كثيرون من حين لآخر، أن يحظوا بمنافع خاصة أو أن يتاح لهم فرصة لعب دور عمومي لصالح الوطن.
ولولا بوجه خاص، الصدام من حين لآخر مع الإسلاميين وأهل الدعوة عموما ،والعلاقة مع إسرائيل، لكان الجو شبه مقبول، ورغم كل هذا كان الموريتانيون يتمتعون بجرعة معتبرة من الأمل.
إن الجهات المعنية، سواء كانت حاكمة أو معارضة أو نخبا مثقفة واعية، كلها مدعوة لمتابعة مستوى الأمل لدى هذا الشعب، لأن الأمل عندنا ينحدر مستواه،و يوشك الواقع أن يعمه الفشل والعجز والتعثر المستمر، للأسف البالغ.
وقد قيل قديما، الحياة ألم يخفيه أمل، وأمل يحققه عمل.
إننا بحاجة ماسة إلى البحث عن الأمل ومحاولة تحريكه وإيقاظه تحت ركام الألم، علنا نستعيد مسيرة العمل والعطاء والتفاؤل.
إن ضعف الأمل لا ينسحب وينعكس على مجال واحد، وإنما قد يمس جميع القطاعات، سواء الصحة الفردية أو التعاطي بين الناس أو مجالات حياتهم الإنتاجية والتعليمية والسياسية وغيرها.
إن الأمل هو أس الحياة النشطة الإيجابية المتوازنة وأساسها الأول.
ومن ضمن الآليات التي كان يعتمدها مثلا، الرئيس السابق معاوية، محاولة تداول الثروة العمومية بين جميع أطراف المجتمع ،من خلال كثرة التعيينات والتكليفات، وتحريك المياه الراكدة، وهذا النظام القائم، منذ إجازة التعديلات الدستورية محل الجدل، لم يحدث تعيينات ذات بال، وإنما ظل الركود مهيمنا على القطاع الحكومي، وكذلك منافع المقاولات العمومية في نفس الوجهة التقليدية المعروفة الأحادية.
إن النظام الذكي، هو النظام القادر على ربط المواطن باستمرار وبطرق مختلفة، بآمال وطموحات ،في الأفق الجاد الملموس، حتى لا يستسلم للقنوط المدمر.
وإن هذه الفترة من تاريخ البلد على وجه الخصوص، تحتاج إلى برنامج حيوي، عسى أن يرتفع منسوب الأمل، عبر عمل جماعي نافع منعش منقذ.
ومن الغريب ضمن مشروع ديمقراطي حسب الشعار المعلن، أن لا تعمل الدولة على إنقاذ استعجالي لجانب من أهم الحريات الإعلامية المتاحة.
فالقنوات التي شرعت لم تستمر طويلا، وها هي منذ عدة أشهر أغلقت أبوابها في أغلبها، وتفرق عمالها، وخيمت على أجهزتها أطنان من الغبار والإهمال، وما عاد بسهولة إطلاقا، بالإمكان إعادة فتحها وإطلاقها.
أليس هذا مؤشر فشل وركود وضرب للأمل في العمق؟.ومن وجه آخر، وبأمر من الوزير الأول الحالي، وعن طريق المفتشية العامة للدولة، خنق الإعلام الحر، وذلك منذ مطلع 2016، عبر منع الاشتراكات والإعلانات والتكوينات، الموجهة للصحافة المستقلة.
إن الاستماع لمطالب الناس والتحسس لمعاناتهم والتعامل معها باهتمام حقيقي والعمل على إشعار الجميع –دون تمييز- بحقه في هذا الوطن، هو المبدأ الأول للحكم الرشيد العادل.
أما كل ما يدور في الحلبة السياسية، فأغلبه تمصلح ومجاملات، لأن جميع الأطراف السياسية، سواء كانت موالية أو معارضة ،عجزت في أغلب خطواتها، في إقناع المواطن الموريتاني بمشروعها السياسي، حيث أن التجارب السياسية في هذا البلد، أكدت مرارا وتكرارا، أنها في أغلبها، ذاتية ضيقة الدائرة، كما برهنت أن السياسيين في مجملهم، يسعون لأغراض خاصة محددة في أغلب الحالات.