... العقل السليم في الجسم السليم ...هكذا يقاس مدى تقدم الشعوب وتطور بلدانها .فالجسم العليل يفقد التوازن والاتزان، فيختل التفكير ويضعف الأداء،وأمة تريد لنفسها البقاء والازدهار يجب أن تعمل جاهدة على تحقيق هدف الصحة للجميع . إن امتهان الطب والتمريض لمن الأمور الصعبة والشاقة،لكن فيه من النبل والشرف ما ليس في غيره، فقد لقب الطبيب بالحكيم لما يتميز به من حكمة وسدادة رأي ولما له من الفطنة في تشخيص المرض ومعالجته، بل إن الطب اعتبر في الموروث الشعبي إلهاما من الله، وتمتع ممتهنوه بالتقدير والاحترام من الجميع،فهل يحظى أطباء اليوم بنفس القدر من الاحترام والتقدير؟ إن أطباء اليوم- للأسف- وخصوصا أطباءنا أفسدوا ذلك التقدير والاحترام،فلم يعد الطبيب حكيما بل صار سمسارا أو شبشابا لا يهتم بعلاج المرضى بقدر ما يهتم بالمرضى الزبناء و الزبناء المرضى:حتى إذا ما خويت جيوبهم تركهم للموت وقال هو سبب مع الله<< وإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ...>> الآية إن مراكز الاستطباب في البلاد تحتاج إلى مراجعة حقيقية ومراقبة دائمة،وعين ساهرة،فالعاملون فيها ليسوا من المؤتمنين إلا من رحم ربك. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر مستشفى كيفه الجهوي الذي يعتبر وكرا للفساد والإفساد ولا يحظى نزيله بأية عناية أو شفقة، فلا ممرض يرحمه ولا طبيب يعاينة ولا أخصائي يسأله،وإن مررت بقسم الحالات المستعجلة وجدت عددا كبيرا من المواطنين في هرج ومرج،في هلع وذعر يبحثون عن الطبيب المداوم،فلا يجدونه،وأنات المرضى تملؤ المكان،والممرضون يرددون :الطبيب خرج قبل قليل..سيعود بعد حين ..كان هنا.. أين ذهب..؟ لست أدري..؟ بلى..فأنا أيضا لست أدري لما الاستخفاف بأرواح البشر؟ ولماذا المواطنون يتعاملون مع هذا الوضع بكل الحذر؟ أليس لهم الحق في الاستطباب والعلاج؟ ولهم الحق في التظلم من كل تقصير ؟ ولماذا الإدارة والوزارة من بعدها لا تعمل على تغيير هذا الوضع ؟ خصوصا وأن شعار المرحلة هو التغيير البناء والحرب على الذين يعيثون في الأرض فسادا ، فالأطباء بمستشفى كيفه لا يهتمون إلا بأعمالهم الخاصة، يتغيبون عن أوقات دوامهم،وإن دعوا لأمر مستعجل كان الطبيب بعد الموت...أو جاء تغيب من أخلاقه المزحة المداعبة والابتسامة الشافية وأعطى وصفة طبية لا توجد في صيدلية المستشفى وإن وجدت لا يلاحظ أي فرق في الثمن بينها وبين شقيقتها الأخريات المارقات على القانون. أجل إنه القانون الذي يجرم أولئك الصيادلة وهؤلاء الأطباء الذين يتهاونون بالمرضى ويقصرون في أداء رسالتهم بل وأكثر من ذلك والأخطر أنهم يعملون بالموت الرحيم الذي تحرمه جميع الشرائع وجميع الدول باعتباره كالقتل العمد...<< ومن قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا...الآية فهم يخرجون النزيل الذي لم يستجب للعلاج بسرعة،فإذا به بين الحياة والموت لا يدري أهله ما هم به فاعلون حتى يلقى حتفه. فالطبيب المقصر -إذن – كمن يعرف السباحة وترك غريقا يغرق ... إنه القتل العمد بالامتناع أي( الفعل السلبي). وأخيرا فإن مستشفى كيفه بؤرة موبوءة بالمرض،فما زاره شخص في عيادة أو مرافقة مريض إلا وخرج بزكام أو ملاريا أو إسهال....إلخ وعليه فمن واجبنا أن نوصل نداء استغاثتنا إلى الوزارة من أجل كبح جماح هؤلاء الأطباء <<الشبشابة>> واتخاذ التدابير اللازمة لتغيير وضع المستشفى إلى الأحسن حتى يقدم خدمات مقبولة للمواطنين مع معاقبة أولئك المقصرين الذين يتلاعبون بأرواح البشر .
الحسن ولد محمد الشيخ