علمت السفير من مصادر متعددة أن الحكومتين الأمريكية والفرنسية بالإضافة إلى بعض قادة الجيش الموريتاني المتنفذين اتفقوا على أن الدبلوماسي الأممي المتقاعد أحمدو ولد عبد الله يمكن أن يكون الشخص الأمثل لقيادة مرحلة انتقالية في موريتانيا تفضي إلى تنظيم انتخابات توافقية تعيد المصداقية للمؤسسات الدستورية التي تترنح الآن بين انتهاء المأمورية وشغور المنصب.
وفي هذا الإطار ربما يندرج اللقاء الذي جمع اليوم قائد الأركان اللواء الركن محمد ولد الغزواني، في مكتبه، بسفيرة الولايات المتحدة في نواكشوط، حيث شوهدت وهي تدخل القيادة في سيارة لا تحمل العلم الأمريكي، ربما للحرص على سرية اللقاء.
كما تحدثت بعض المصادر عن لقاء جمع ولد الغزواني ومحمد ولد مولود، مسؤول الملف الدبلوماسي لمنسقية أحزاب المعارضة، وهو ما يوحي بأن الجيش يدرس أمرا ما مع بعض السفراء الغربيين والمنسقية، إذا صحت رواية الاجتماع التي لم يتسن للسفير التأكد من صحتها.
هذا الحراك انطلق من فرضية شغور المنصب الرئاسي التي باتت المنسقية تروج لها مدعومة برأي عام لم يصدق كافة الروايات الرسمية بدءا بسيناريو حادث إطلاق النار على الرئيس، وانتهاء بخطابه المكتوب بمناسبة عيد الأضحى المبارك، كما لم يعر تصريحات مسعود اليوم عن مهاتفته لولد عبد العزيز كبير اهتمام، لأنها لم تخرج بما يدل على مستوى تأثر الرئيس بإصابته ولا بتحديد موعد لعودته إلى البلاد.
لقد اعتبر البعض المعلومات الواردة في المؤتمر الصحفي الذي عقده مسعود اليوم بمثابة إعلان ضمني لشغور المنصب، فصوت الرئيس ليس طبيعيا، كما قال ولد بلخير، ومدة المكالمة لم تتجاوز خمسة دقائق، والحالة الصحية لم يكشف عنها.
ويشكك البعض في صحة أن يكون ولد عبد العزيز هو من تحدث مع مسعود، فالتوقيت لا يحتمل نقل أخبار الرئيس من طرف أي شخص مهما كان، فقط لأن ولد عبد العزيز عود الرأي العام، ومنذ الساعات الأولى لإصابته، بالتماسك والتواصل معه، حتى وهو خارج من غرفة العمليات، وكان حريصا على الوقوف على قدميه بمعية وزير الدفاع الفرنسي وهو في المستشفى الباريسي ليوصل للموريتانيين رسالة مفادها أنه ما زال قويا ومتماسكا ويتماثل للشفاء، وسيعود قريبا، فكيف يمكن لهذا الرأي العام أن يقبل بتواري الرئيس عن الأنظار منذ أكثر من أسبوع لم يحس له فيه همسا أو يسمع له ركزا؟ وكيف يصدق هذا الرأي العام الخطاب المكتوب المنسوب للرئيس دونما صورة أو صوت من صاحبه؟.. وكيف يستسيغ مهاتفته لمسعود قبل يوم واحد من مهرجان المنسقية المطالبة بإعلان شغور منصبه، دون أن نرى أو نسمع في الإعلام الرسمي صورة أو صوتا لرئيس يسعى الجميع إلى تغييبه عن المشهد السياسي، ما لم يدحض دعاوى المعارضة بعجزه عن القيام بمهامه الدستورية مستقبلا؟ لم يعر الطيف السياسي المعارض تصريحات مسعود كبير اهتمام، وإن كانت السفير قد استقت من مصادر مطلعة في كواليس أحزاب اللقاء الوطني الثلاثة في الموالاة تذمرهم من لجوء مسعود إلى ما وصفوه بفبركة الأخبار التي تسعى إلى تقويض الإجماع على اعتماد مبادرته التي تسلمتها المنسقية ووعدت بدراستها والرد عليها بإيجابية، وقبل يوم واحد من مهرجانها المطالب بتجاوز المرحلة الحالية التي يشوبها الغموض.
فهل تصب تصريحات مسعود اليوم حول مهاتفة ولد عبد العزيز في مصلحة الحراك السياسي المطالب بسد الفراغ الذي تركه غياب الرئيس؟ أم أن توقيت التصريحات يجعلها محاولة لإفشال مهرجان المنسقية، لتعزيز فرص حزب رئيس البرلمان في التحالفات السياسية التي ستقوم على أنقاض حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز؟