لَبَّى نِداءَ الْمُنَادِي الْمَاجِدُ افَّاهُ ** فَأسْلمَ الرُّوحَ للْبَارِي وَلَبَّاهُ
وَكَانَ يَدْعُوهُ لَا يَبْغِى بِهِ بَدَلًا ** وَكَانَ بَينَ الرَّجَا وَالْخَوْفِ يَخْشَاهُ
وَكَانَ يُوقِنُ مِنْ لُقيَاهُ مَوْعِدةً ** فَكَيفَ يَغفَلُ عَنهُ كَيْفَ يَنْسَاهُ
كُنَّا نُؤَمِّلُ أَنْ نَحْظَى بِهِ زَمَنًا ** فَلَمْ يَرُعْنَا سِوَى نَاعيهِ يَنعَاهُ
فَانْهَدَّ مَا كَانَ مِن آمَالنَا سَنَدًا ** صِرْنَا نُرَدِّدُ فيه حَسْبِيَ الله
لَوْ كَانَ يُفدَى عَزيزٌ مِن مَنِيتهِ ** كُنَّا بِأَرْوَاحِنَا مِنْهَا فَدَيْنَاهُ
أوْ كَانَ يَنفعُنَا فِي فَقْدِهِ جَزَعٌ ** أَوْ كَانَ يُجْدِي بكاءٌ مَا تَرَكْنَاهُ
و"افَّاهُ" كَانَ لَنَا حِصْنَا نَلُوذُ بِهِ ** فَمَا أَحَنَّ وَمَا أَحْنَى وَأَزْكَاهُ
يُعلِّمُ النَّاسَ لَا يَرْجُو نَوَالَهُمُ ** لَكِنْ عَطَاءَ إِلهٍ قَدْ تَوَلاَّهُ
دَوْمًا يُرَتِّلُ آيَ الذِّكْرِ مُتَّئِدًا ** وَقَائِمَ الَّيْلِ لَا يَنسَدُّ جَفْنَاهُ
قَدْ عَاهدَ الله أن يَلْقَاهُ مُعتَصِمًا ** بِمَنْهَجِ الْحَقِّ، ذَاكَ الْعَهْدُ وَفَّاهُ
لَا يَحْمِلُ الْحِقْدَ لِلْجَارِ الْقَرِيبِ ولا ** تَرَاهُ يَحسُدُ ذَا زهو بدُنْيَاهُ
ولَايُقِيمُ عَلى عَسْفٍ يُرادُ بهِ ** مُعَزَّزُ الَّنفْسِ ينْفِى الضَّيْمَ يَأْبَاهُ
مُخَلِّدًا نَهْجَ آباءٍ غَطارِفَةٍ ** قُضَاةِ عَدلٍ فَذَاك الْمَجْدُ يَرْعَاهُ
سَقَتْ ضَرِيحًا بِذِي الأنْوارِ غَاديةٌ ** سَحَّا وأَكرمَ ربُّ العرشِ مَثْواهُ
يَارَبِّ أَلْحِقْهُ بِالْعَلْيَاءِ فِي رَغَدٍ ** مِنَ الَّنعِيمِ وطّيِّبْ دَارَ سُكْنَاهُ
وارْزُقْهُ فِي قَبْرِهِ أُنسًا لِوحْشتهِ ** وارْزُقهُ جَنَّاتِ فِرْدَوْسٍ بِأُخْرَاهُ
واحْفَظْ بَنِيهِ مِنَ الْمَكْرُوِه أَجمعهِ ** فَنَهجُهمْ نَهجُهُ فِي حُسْنِ مَسْعَاهُ
وصَلِّ يَاربِّ تَسْلِيمًا وتَزْكِيةً ** عَلَى الْحَبيبِ الذِي طَابَتْ سَجَايَاهُ
المصطف بن بَيَّهْ
الرباط 28/01/2018