رغم الصمت غير المبرر الذي لاذت به حكومة مولاي ولد محمد الاغظف حول صحة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، منذ أن غادر البلد قبل أكثر من أسبوعين لمواصلة العلاج في فرنسا، في تجاهل صارخ لمطالب الرأي العام بمعرفة الوضع الحقيقي للرئيس، يتصل الوزير الأول برئيس البرلمان مسعود ولد بلخير، بعد دقائق من نشر معلومات تفيد بنيته التقدم إلى الحكومة بطلب استلام الملف الصحي لولد عبد العزيز، ويلتقي بالسفير الروسي في نواكشوط، ليؤكد لهما أن الرئيس بصحة جيدة وأنه سيعود "قريبا" إلى أرض الوطن.
وفي ذات الاتصال يطلب الوزير الأول من رئيس البرلمان، وفق معلومات حصلت عليها السفير، المساعدة في التخفيف من حدة ضغط مطالب الرأي العام ومنسقية المعارضة بكشف حقيقة الوضع الصحي للرئيس، فيرد مسعود بأنه سبق أن ساعدهم حينما كان ولد عبد العزيز صحيحا وموجودا، قائلا إن تلك المساعدة لم تفلح في نزع فتيل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلد، ولعل ذاك هو ما حدا به إلى إطلاق مبادرته لحلحلة الأزمة، برأي المراقبين.
وحسب مصادر مطلعة فإن ولد بلخير برمج لقاء مع رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، العضو في منسقية المعارضة محمد ولد مولود، من المفترض أنه تم مساء اليوم، كما كلف ضمن رؤساء المعاهدة من أجل التناوب السلمي على السلطة، رئيسها الدوري عبد السلام ولد حرمه بمحاولة جس نبض وزير الدولة للتهذيب أحمد ولد باهية لمعرفة المزيد عن الوضع الصحي للرئيس.
وفي موضوع متصل شكلت المنسقية وفدا يتألف من الداه ولد عبد الجليل، صالح ولد حننا، والسالك ولد سيدي محمود للنقاش مع مسعود، الذي حول الاجتماع إلى جلسة مجاملة، دون أن يحدد الزائرون التوجه الذي يعتزم مسعود أن يسلكه في ظل الأزمة الناتجة عن غياب الرئيس.
ويلاحظ البعض تأخير التلفزيون الرسمي لبث تقرير عن المسيرة التي نظمها أقارب الرئيس قبل يومين قرب قصر المؤتمرات إلى نشرة الليلة، وهي المسيرة التي شهدت مقتل شاب بعد أن دهسته سيارتان شاركتا في المسيرة، حيث يرى البعض ذلك التأخير تجسيدا لرغبة جهات عليا في عدم إبراز أي تعاطف شعبي مع ولد عبد العزيز تحضيرا لإنهاء حكمه، مشيرا إلى أن بث التقرير متأخرا ربما جاء لجبر خواطر بعض المتنفذين من أقارب الرئيس في وقت لا تزال الأمور سائرة على ما كانت عليه، في ظاهرها على الأقل. لقد بدأ البعض يتحدث عن أن انقلابا سريا وهادئا تم تنفيذه بالفعل، وأن قلة من الأغلبية تعلم ذلك وتحاول السير في الركب الجديد، خاصة أن قادة الحزب الحاكم يمتنعون عن الظهور كمدافعين عن الرئيس أو مطمئنين على صحته، في سابقة هي الأولى من نوعها في تعاطي أحزاب السلطة مع الرؤساء قبل خروجهم من المشهد السياسي.
فبأي حق يلجأ الوزير الأول إلى طمأنة مسعود وسفير روسيا في نواكشوط على صحة الرئيس، في حين يترك الرأي العام فريسة للإشاعات المتناقضة دون أن يعرف مصير من يحكمه في استهتار واضح بمشاعر الناس وهيبة الدولة وتماسك البلد؟
السفير