م ينتظر الأمريكيون ولا الفرنسيون أو الجزائريون أو الموريتانيون الضوء الأخضر من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لملاحقة الجماعات الإسلامية. يستعجل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مجلس الأمن خلال حديثه فى الجمعية العامة محذرا من إضاعة الوقت فى ما طائل من ورائه.
ودعا المجلس إلى إعطاء الضوء الأخضر لتدخل عسكري لانتزاع الشمال المالي من أيدى تنظيم القاعدة وحلفاءه. وقد تنازلت مالى عن مواقفها السابقة من التدخل الأجنبي وطلبت نشر قوة عسكرية من 3000 جندي لمساعدة جيشها فى استعادة الشمال، لكنها اشترطت أن تكون هذه القوات الأممية مشكلة بشكل حصرى من عناصر إفريقية.
فقد أدت عدة عوامل إلى إضعاف المؤسسة العسكرية المالية حيث أن حرب العصابات التى خاضتها ضد عناصر الطوارق أنهكتها وأفقدتها الكثير من العدة والعتاد، كما كان للجفاف الذى ضرب المنطقة دور كذلك، وحرب استعادة الشمال تتطلب مواجهة عناصر من جنسيات مختلفة ذات تسليح جيد وهو ما أدى بمالي إلى أن تنزل عند رغبة المجتمع الإقليمي والدولى فى التدخل العسكري. وقد علق مسئول عسكري مالى على ذلك بالقول : صحراءنا الشاسعة مساحتها أكثر ثلاث مرات من مساحة فرنسا ونحن ربما الدولة الأفقر فى العالم، فكيف يراد منا أن نسيطر على هذه المناطق الصحراوية مترامية الأطراف؟
لكن فى ظل هذا الوضع المعقد العابر للحدود كيف يمكن أن نستشف ظل تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي؟ ليس الأمر سهلا. فعلى العكس مما هو معروف عن جماعة الراحل بن لادن فإنها بعيدة عن التحالف مع الجماعات السلفية المحلية فتوجهاتها فى الحرب الكونية تتناقض مع استراتيجية المجاهدين المحليين في الجزائر. فالجماعة السلفية للدعوة والقتال التى أعلنت عن تسمية نفسها بالقاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي هي ذات جسم غالبته الساحقة من المقاتلين الجزائريين. والقاعدة تريد دولة إسلامية موحدة تشمل كل الدول الإسلامية بينما كانت الجماعة السلفية للدعوة والقتال تنادى بقلب نظام الحكم فى الجزائر.
وقد عرف تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي العديد من الانشقاقات يعتقد أنها بفعل الاختراق المخابراتي من قبل دول المنطقة، فقد أصبحت هناك جماعات جديدة من قبيل حركة أنصار الدين وهي جماعة سلفية ذات قيادة من الطوارق، وجماعة التوحيد والجهاد التى تركز على التمدد الإفريقي، والتى يعتقد أن لها صلات قوية بالمخابرات المالية.
ومن هنا ينبغي التأكيد على أن الحرب من أجل استعادة مناطق الصحراء المالية قد بدأت منذ أكثر من سنتين. فقد تواجدت فى المنطقة قوات خاصة فرنسية تقارب المائتين، كما شنت القوات المسلحة الموريتانية بأعداد تقدر بالمئات عدة غارات هناك، وكان للجزائر والولايات المتحدة كذلك تواجدهما فى المنطقة. فقد أسست المخابرات الأمريكية قاعدة لها فى الجنوب الجزائري كما أن القوات الخاصة الأمريكية تواجدت في كل من مالى وبوركينا فاسو.
ترجمة "الصحراء"