يري مراقبون أن موريتانيا دخلت عهدا جديدا وهي الآن تتلمس خطاها لتأسيس نظام جديد مازالت ملامحه تتشكل بفعل قوي داخلية وأخري خارجية، بعد أن حصلت قناعة لدي حلفاء الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعجزه عن تسيير شؤون البلد.
خوفا من كشف المستور
وفي هذا الإطار فإن مصادر مطلعة تحدثت "للمشاهد" عن سعي فرنسي حثيث لاستيعاب الموقف قبل أن تفضي الأمور الي ما يشبه الأزمة التي أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله.
وفي هذا الاتجاه فإن السفارة الفرنسية بنواكشوط حسب مصادر "المشاهد" قامت بعدة اتصالات وإجراءات لحشد دعم القوي السياسية الموريتانية علي ضرورة التحول الي انتقال سلسل للحكم، بعيدا عن أي تحرك عسكري قد يؤدي الي أزمة بين الساسة والعسكريين في ظل تزايد نفوذ القاعدة في الشمال المالي.
كما ان الخطوة التي قامت بها القنصلية الفرنسية في حق الزعيم السياسي ورئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بوالخير بمنعه التأشيرة لا تعدو سوي الحفاظ علي السرية التي تحاط بالوضع الصحي للرئيس، مخافة ان يطلع ولد بوالخير عليها، وبالتالي فإنه لا يمكن الوثوق بموقفه الجديد الذي قد يتشكل بعد ان يكشف الحقيقة، وبالتالي فإن فرنسا الاشتراكية فضلت ان تغضب الزعيم مسعود ولو الي حين بدل كشف مخططها قبل أوانه.
اتصالات أوروبية لتأمين الموقف
وفي الاتجاه فقد أوعزت السفارة الفرنسية الي نظيراتها الأوروبية في نواكشوط، الي الاتصال بالزعماء السياسيين من أمثال محمد ولد ولود واحمد ولد داداه وغيرهم، وهو ما تمخض عنه الزيارة الليلية التي قام بها السفير الفرنسي الي منزل زعيم المعارضة الديمقراطية ولد داداه، وزيارات أخري نظمها سفراء كل من اسبانيا والمانيا للرئيس محمد ولد مولود وصالح ولد حننا.
ومن اجل الوصول الي تسوية ترضي العسكر الموريتاني وساستها، فإن فرنسا الاشتراكية بقيادة هولاند حليف المعارضة الموريتانية، وجهت دعوة الي احمد ولد داداه علي هامش مؤتمر الأممية الاشتراكية للتباحث معه حول خارطة طريق قبل إعلان عجز الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عن تولي منصبه.
اما بالنسبة لموالاة عزيز او ان صح التعبير موالاة اي حاكم جديد فإنها التزمت الصمت حتى تنكشف لها الامور بإيعاز من العسكر، التي تشكل الموالاة بيادق له.
لقاءات عسكرية
وعلي صعيد متصل فإن مصادر من داخل التحالف الشعبي التقدمي قالت في حديث "للمشاهد" ان لقاءات سرية جمعت رئيس الحزب مسعود ولد بوالخير وقادة عسكريين موريتانيين لم يفصح عن فحواها.
وقد أكدت مصادر "المشاهد" علي ان قائد أركان الجيش الموريتاني محمد ولد الغزواني لا يبدي رغبته في تولي منصب الرئاسة، لكنه يفضل ان تقدم له ضانات بالاحتفاظ بنصبه.
تسوية علي النهج اليمني والغيني
ورأت مصادر "المشاهد" علي ان التسوية المرتقبة ستكون علي غرار ما حدث في اليمن بعد إصابة رئيسها علي عبد الله صالح او الغيني بعد اصابة رئيسها العسكري داديس كمرا لاطلاق نار صديقة .
ومما يعز يقين مصادر المشاهد علي ان موريتانيا مقبلة علي مرحلة جديدة هو ان فرنسا بحاجة الي رئيس قوي تسند اليه مهمة محاربة قاعدة المغرب الاسلامي، ويؤمن مشاركة موريتانيا في دخول الحرب المرتقبة في شمال مالي، وهو الرجل الذي لم يعد محمد ولد عبد العزيز يجسده.
اخيرا
وعلي العموم فإن مؤشرات قوية تصب في صالح هذا التوجه الجديد بدت تظهر اتباعا، منها الخطاب الذي نسب الي الرئيس بمناسبة عيد الأضحى وترأس الوزير الأول لصلاة العيد، والتعتيم المصاحب لمكان وجود الرئيس الحقيقي، والذي تتحدث مصادر عن نقله الي جناح خاص في احد المستشفيات الفرنسية بعد تدهور صحته.