أسواق المواشي في ولاية لعصابه تتحول في فصل الصيف من كل عام إلى ما يشبه البورصات العالمية من حيث تذبذب الأسعار وتباين الأسهم بين الهبوط تارة والارتفاع أحيانا أخرى.
يعود ذلك إلى أن الدواب تعتمد أساسا على الأمطار وما تنبته من كلإ ومرعى فإذا حبس الغيث واشتد القحط أصبحت عبئا على مالكها فيصير بين أمرين أحلاهما مر، إما أن يتركها تصارع الموت أو ينفق عليها من المال مبلغا طائلا قد لا يساعده الحظ على تعويضه، مما يجعل تساقط المطر بشير خير يوحي بارتفاع قيمتها وانحباسه نذير شؤم بهلاكها وكساد بضاعتها.
ولا غرابة هنا أن ترى بقرة تعرض بالغداة بثمن بخس قد لا يتجاوز ال 100 ألف فإذا نزل المطر زوالا ارتفع الثمن إلى ما يناهز الأربع مائة ألفا، مما يجعل البيع تضحية والشراء مغامرة تحتاج إلى قرارات صارمة وجرأة حازمة، وحينها سيعض الخاسر على يديه ويفرح الرابح بما لديه.
ولا يخلو أصاحب هذه الصفقات من احتمالين إما ربح فاحش يرفعهم إلى مصاف الأغنياء أو خسارة فادحة تردهم إلى عوز الفقراء، فيما يبقي المطر وحده هو صاحب القول الفصل في ذلك كله، ومن لا يعرفون السوق يسقطون ضحية لكمائن التدليس وخيوط التلبيس لأن المكائد المٌبرَمة والصفقات المحرمة التي يشوبها النجش والخداع هي سيدة الموقف والحاسمة في البيع.
المنمي اباه سيدي