قراءة بميزان المتمسكين أتفق مع المعارضة الوطنية للانسجام الحزبي في رفضها للتعديلات الدستورية الاحادية التي مررها النظام في الإستفتاء الاخير خلافا للمساطر وفي جو من التنافر السياسي لا يلائم ذالك وأختلف معها في سيا سة الشد التي تنتهجها مع النظام وان كان تاريخه معها يبرر بعض ذالك إلا أني أرى أن غياب رأيها أفضى إلى حالة احتكار للرأي من ثلة من القاصرين دفع ثمنها الوطن على جميع الأصعدة حتى أصبحت كينونته في حيز التهديد . وفي هذا السياق أتمنى ان يغلب الجميع خطاب العقل وأن نتفادى ببلادنا ماهي في غنى عنه . وبطبيعة الحال اختلف مع النظام في كل شيء طرحا وأسلوبا ونتائجا . وعلى كل حال وهذا موضوعنا طرح الرئيس تساؤلات تهكمية في اطار حملة التعديلات الدستورية حول الدلات الرمزية لعلم الإستقلال لا علم الإستغلال ،وقال اذالم تخني الذاكرة إنه لم يجد أحدا يعرف شيئا عن ذالك ، فخامة الرئيس كان في مخيلتي أن المؤسسة العسكرية تربي على هذه الثوابت ! وانطلاقا من المشترك الثقافي واسقاطه على التجاذبات السياسية ايام الإستقلال والتخندقات الإثنية والقبلية والجهوية وتغذية ذالك من أشقاء الجوار من هذا المنطلق يجب ان نفهم السياق العام لاختيار التسمية والرمز لها . في عهد الاستعمار الفرنسي كانت اتفاقية (سهوت الم)التي وقعها الرعيل الأول بتأطير من فتوى الشيخ سيديا باب رحمه الله تعالى البذرة الاولى لشجرة الجمهورية الاسلامية الموريتانية ،وقد تكون بلادنا من نوادر البلدان التي استعمرت لتكون ، وستقودنا التسمية واختيارها الى محددات فك طلاسم العلم الوطني. تسمت المستعمرة موريتانيا في عشرينيات القرن العشرين ،و يقول العارفون انه كان الشرط السري الذي فاوض عليه الشيخ سيديا باب الفرنسيين وتعلمون جيدا ان الرجل استثمر في مشروع الدولة كل مستطاعه وتجسدت تسمية موريتانيا مستعمرة مستقلة بعد الانتداب في اطار تحيين للقانون الفرنسي واصبحت مثل اخواتها في الجوار وحدة فرنسية مستقلة ،كلف الشيخ سيديا باب ابنه الشيخ عبد الله قبل وفاته برعاية تسيير ومتابعة الملف مع الفرنسيين حتى تكتمل اندماجية محيط الملثمين فضاء الدولة المرابطية وكانت وفاة الشيخ سيديا باب رحمه الله في 1924 وواصل ابنه الشيخ عبد الله المسار وكانت اسهاماته المشهودة والمعروفة على نفس الدرب والتي توجت في استعادة الحوضين بعد ان اجتث منهما ازواد ،في الأربعينيات ،كان ذالك ضمن تجاذبات القى الرجل بثقله فيها في إطار فرنسا ماوراء البحار ،وافريقيا الغربية الفرنسية التي له اليد الطولى في شعوبها من خلال ابعاده الروحية والسياسية استغلها خدمة لمشروع توحيد موريتانيا في هذه الاثناء اصبح لموريتانيا من الابناء الدارسين والمتفتحين في خفايا الدولة الفرنسية من يستطيعون حمل المشعل وكان اختياره لابنه البار الرئيس المرحوم المختار ولد داداه لاستكمال المشروع . وقبل الدخول في قراءة العلم الفت النظر الى أمرين مهمين 1 ان تقرير كبلاني المقدم للحكومة الفرنسية والذي تم على اساسه انتدابه للمهمة ،شكل دراسة دقيقة لتاريخ الحركة الدينية ومكامن القوة في التوازنات الاجتماعية ويعتبر اليوم احد اغزر المراجع في هذا المجال (تاريخ التقرير 1898) 2-ان فرنسا كانت تصول في جزء كبير من موريتانيا الحالية ولها مع قياداتها اتفاقيات ضاربة في القدم ،وكانت قد استعمرت الشرق الموريتاني قبل الاتفاقية . بعد اكتمال الصورة آنذاك لموريتانيا الحالية . جاء الاستقلال وبدأ امتحان عبقرية التأسيس وزعيمه المرحوم المختار ولد داداه ١-التسمية تتكون التسمية من ثلاث عبارات لكل منها دلالاتها في الشخصية الوطنية أ:الجمهورية تعبر هذه الكلمة عن الخلفية التشاركية في نمط الحكم والتي تنبذ الاقصاء الذي هو عادة هاجس المجتمعات البدائية المنغلقة على ذاتها والنازعة الى عمقها التاريخي والاثني ،ولكنها ايضا نمط مفتوح على الوافدين في اشارة تنظيرية لاستكمال مشروع التوحيد ، ووضعت في مقدمة الاسم تناغما مع منطق اللغة العربية (لغة الاكثرية )لتكون الكلمات الاخرى نعوتا لها . ب- الإسلامية : من المعلوم ضرورة ان الاسلام هو دين كل الشعب ورافد انصهاره الأوحد ،ولذالك وضعت كلمته في وسط التسمية لمحوريته كعود بكارة حبل الديمومة ، هنا يتناغم التاريخ والحاضر وتذوب الفوارق في تطلع عميق لامبعاث الالق المرابطي والقفز على الزمن ،والاعتزاز بالدور الاشعاعي ذي الابعاد الروحية اكبارا لاسهاماته في معركة الكينونة ام المولود الحديث الاستقلال ج-الموريتانية :لهذه الكلمة عدة ابعاد ،انتربولوجيةوقيمية ودلالاتية ،وقد سبرالباحثون اغواربعدها الانتربولوجي وسنتركه لهم مكتفين
ببعديها القيمي الذي هو الاحتفاظ بالتسمية التي جسد من خلالها الفرنسيون وفاءهم بروح اتفاقية (سهوت الم )ذات الخلفية التاسيسية وبحركة غاية في الدبلوماسية احرج المؤسسون فرنسا لرعاية المولود الجديد ،وتشهد على ذالك الاحداث اللاحقة على الاستقلال
امالبعد الدلالي فهو رسالة الى المستقبل باعلان شعب معتز بتنوعه متناغم في اختلافه متميز باسمه مجتمع في وطنه. وانطلاقا من التسمية وما لها من ابعاد شاملة وكاملة كان على جيل التاسيس ان يختزلها في رموز مجسدة لها ومعبرة عنها انطلق المؤسسون في معركة اختيارهم للعلم الوطني من منطلق اموريتاني بحت واسسو على خلفيات ثلاث الدين والتاريخ والطبيعة
١:الدين : اتخذ جيل التاسيس الاسلام ارضية لاسقاط الخلفيات الاخرى وسرعان ماتناغمت معه وجسدتها واحتواها حيث اخذ منه اللون الاخضر في دلالة حية لاستحضار حقبتي الاشعاع ايام الفتوحات في العصور الفاضلة وايام المرابطين حيث كانت الرايات خضر
واستحضارا لمآلات المسلمين في الجنة البس المؤسسون الوطن بحلة اهل الجنة الموصوفة في القرآن ، وبهذا نرى ان الدين اختزل الخلفية التاريخية
اما الخلفية الطبيعية فاختزلها الدين هي الاخرى حيث الخضرة الدالة على موسم الرخاء الانتجاعي تالقت في القران كذالك واختزلتها الخلفية الدينية وبما آننا اهل تيه ومواقيت
واهل قرآن جاء الهلال الرامز ايضا للدين من حيث مواقيت الشعائر،وجاء النجم القسم البوصلة وكان جيل التأسيس في استحضار دقيق للقرآن يقسمون بالنجم على التضحية من اجل هذا الوطن ومستنيرين به على دروب التيه التي يسلكونها كما كان يفعل السلف في طرقه عبر الصحراء
تمت مراعات الشمولية في استنطاق الموروث الاجتماعي والثقافي والديني المشترك ،ووقع الاختيار بحصافة معبرا عن لوحة طبيعية في بعدها الزمني ،حيث تخضر الارض في الليالي البيض من صفاء السماء ،شهر اغشت حيث ينزح الجميع الى الوسط ،من الضفة هروبا من الباعوض ومن الشمال نزوحا الى المرعى ،وكان هذه اللوحة اجتثت من الطبيعة لابعادها التلاحمية معبرة تغليب مايجمعنا على مايفرقنا ،
لونظرنا في الاعلام الافريقية وخاصة الفضاء الذي وصله الاشعاع المرابطي نجد ان كل اعلامها تضمنت الاخضر ،لهذا البعد المرابطي ،اتمنى ان اكون وفقت في تسليط الضوء من زاوية معينة على مكامن دلالات علمنا الوطني واستنطقت بعض اوجه عبقريات جيل التأسيس اسهاما في تنوير الرأي العام .تحياتي يتواصل