في كل مرة يلج إلى مكتب الولاية بلعصابه وال جديد، فإن الوجهاء والمنتخبين ورؤساء المصالح وبني القبيلة، يقومون بزيارته قصد السلام والتعارف قبل أن يبدأ هؤلاء الزائرون بإرسال الذبائح إلى دار الوالي الوافد وكثيرا ما يأمر هذا الضيف حرسه برد الغنم لأصحابها فهو راغب عن هذا السلوك، وهناك يسري الخبر في المدينة ويتحدث الناس بشهامة الوالي الجديد وعفته ويعتبرون رده "الكشوة" مؤشرا على مسؤوليته ونزاهته.
يبدأ الوالي القادم مثابرا على العمل فيدخل مكتبه في الوقت المحدد ولا يبرحه إلا عند انقضاء زمن المداومة ثم يدشن على الفور اجتماعات مكثفة مع مسؤولي المرافق الجهوية و كافة تنظيمات المجتمع ويتعهد بوضع جدول للإستمررا في تلك اللقاءات ويقول بأن مكتبه سيظل مفتوحا أمام المواطنين وأن كافة المشاكل الداخلة في حقل عمله ستحل وأنه سيعطي صلاحيات لمعاونيه قصد تسهيل مهمات المواطنين وسينظم حلقات تقويمية لما تم تجاوزه من عمل، ثم يزور كافة المرافق العمومية وينطلق في موكب كبير ليزور مقاطعات الولاية ويترأس مهرجانات يخطب فيها بكلام جميل ورنان ويبدو في هذه المرحلة ودودا، وطنيا، متواضعا ومنفتحا.
تمر مدة زمنية غير كبيرة فيبدأ الوالي" النموذج" بالتأخر عن مكتبه متعللا بالمرض تارة وبوجود ضيوف تارة أخرى ثم يقلص أيام مقابلات المواطنين ويأخذ في تمديد المواعيد وفي ظلال حيطان وشجيرات الولاية يتكدس الموطنون في طوابير بغية مقابلة الوالي فيحظى النزر القليل دون أن يجد حلا نهائيا لمشاكله، ويمل آخرون من الانتظار فيلتمسون طرقا أخرى لعرض اهتماماتهم ومشاكلهم عبر الوجهاء أو الصحافة أو وسائط أخرى.
لم يصبح لهذا الوالي الذي ظنناه أفضل من أسلافه سوى تبادل أحاديث طويلة في مكتبه مع بعض معاونيه أو بعض الزائرين المتنفذين ثم يضيف فصولا جديدة من المشاكل على رفوف من سبقوه في دواليب غصت بالمهملاتّ منذ سنين؟!
يأتي اليوم الذي يحول فيه ذلك الوالي، الذي بدأ منذ بعض الوقت في سوق قطعان الماشية - التي جمعها بكل الطرق غير الشريفة - إلى بادية ذويه ثم تقوم ربة المنزل بكشط جميع أثاث الدار وشحنه، وهنا يكون المودعون أقل بكثير من المحيين الذين تقاطروا بكثرة أيام القدوم!؟ ثم يأتي الخلف ليكذب نفس الكذب ويعبث ذات العبث.
والآن لدينا والي جديد بهذه الولاية فهل يرسم لنفسه نهجا جديدا يكسبه احترام الناس و يجلب النفع والكرامة للمواطنين أم أنه سوف يسير على خطى أسلافه ؟؟