رغم ما جادت به السماء هذا العام من أمطار روت كافة الأودية والحقول ومختلف الأراضي الزراعية بهذه الولاية، فإن السلطات العمومية لم تخذل الفلاحين في أي وقت ، كما فعلته هذه السنة ، حيث لم تعمل في مجال الحملة الزراعية ومساعدة المزارعين أي شيء ، وهو الأمر الذي لم يتوقعه أحد فمن يصدق أن تتقاعس أو تعجز الجهات المختصة عن استغلال مياه أمطار هذه السنة في تدشين حملة زراعية استثنائية – ونحن الخارجين لتونا – من سنة عجفاء لم نزرع فيها حبة واحدة وقد أتت أيضا على جزء كبير من الثروة الحيوانية.
إن الزائر للمندوبية الجهوية للزراعة والبيطرة بولاية لعصابة سيصاب بالذهول وخيبة الأمل وسوف يكتشف مدى الانهيار والعجز الذي يصيب هذه المصلحة الحيوية ؛ التي تعنى بأهم قطاع بالولاية (الزراعة والبيطرة) فهي تفتقر إلى الحد الأدنى من المعدات والوسائل التي تمكن من مساعدة المزارعين ،إنها لا تمتلك رؤى ولا برامج ولا مخططات في السياسة الزراعية بالولاية وتعجز حتى عن تنظيم حملات للتوعية والتحسيس بأهمية الزراعة فضلا عن التجهيزات الزراعية من آليات وأسمدة ومبيدات وبذور محسنة .!
إن أفضل ما تقدمه هذه المصلحة للمزارعين خلال السنوات الأخيرة هو جزء يسير من الأسلاك الشائكة التي يستفيد منها قليل من السدود يكون أغلبها غير زراعي ، وهو ما عجزت عنه خلال هذه السنة أيضا ، واكتفت الوزارة فقط حتى الآن بانتقاء مجموعة قليلة من السدود تخطط لإقامة زراعة تجريبية للقمح فيها وهو الشيء الذي يتهكم عليه المزارعون بهذه الولاية ،فالأولى عند هؤلاء أن تدعمهم الدولة حتى يتمكنوا من الاكتفاء الذاتي من محاصيل (تقليت ، آدلكان ، ارحيه ، متري ، أشركاش ، مكه، إلى آخره) وعندها يمكن التجاوز بكل بساطة إلى زراعة القمح وأنواع أخرى.
أحمد ولد حمد رئيس رابطة المزارعين انتقد في تصريح لوكالة كيفه للأنباء تغاضي السلطات العمومية عن استغلال الأراضي الزراعية هذه السنة وقال أنه يشعر بالمرارة الشديدة، وهو يرى أينما اتجه الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة وهي ميتة بسبب عجز المزارعين عن استغلالها لضعفهم المادي مضيفا أن القطاع المعني لم يكن في أي يوم من الأيام عاجزا كما هو حاله اليوم.
في ولاية لعصابة تبقي عشرات السدود والمحميات الصالحة للزراعة وأماكن كثيرة أخري تتوسط المدن والقرى مهملة , خالية من أي نشاط وقد زال الكثير من مبررات عدم استغلالها لماذا لا تصبح الزراعة محل اهتمامنا جميعا ومركز نشاطنا ونقاشنا اليومي ؟ لماذا لا يتذكر الناس أنهم وقفوا جميعا صيف العام الماضي في طوابير مهينة يتوسلون غذائهم أمام المقار الحكومية والهيآت الخيرية ؟
لماذا لا يزرع الناس ما ياكلون تجنبا للكارثة وحفظا لماء الوجه؟ لماذا ننتظر أن تقوم الدولة بالزراعة بدلا عنا وهي التي تتفرج على معاناتنا وترفع أسعار الغذاء كلما أجهز علينا الجوع.!