إن موقع "موريتانيا الآن" المتخصص في تصنيف المواقع، يجد اليوم نفسه امام وضعية لا يحسد عليها الزملاء الشباب المشرفين عليه، فهم بطريقة ما يتحولون بمرور الوقت إلى مساهمين في صناعة الصحافة السيئة في البلاد، كما يساهمون بالتزامن في طمس الصحافة الجيدة المنتجة.
يعتمد موريتانيا الآن على تصنيف المواقع حسب "موقع آليكسا" العالمي لتصنيف المواقع، والحقيقة انه اختار الخيار الأسوأ من الخيارات المتاحة، وتلك ليست غلطة في مشروع شبابي حديث لكن الاستمرار في هذا الخط يخلق مشاكل ويسيئ للكثيرين.
ففي موريتانيا يعرف القاصي والداني ان الصحافة لا يزال لها باع قصير جدا في معالجة الشأن الدولي، واغلب الاخبار التي تنشر عن القضايا الدولية هي من انتاج وكالات أنباء عالمية خصوصا ا ف ب، الاناضول، ورويترز وقليلا ما تنشر برقيات لها علاقة بالشأن الدولي وخلاف ذلك تقتصر الأخبار والتنافس بموريتانيا على الشأن المحلي.
وأن يختار الموقع -الذي يصنف الصحافة وبدأ يأخذ سمعة طيبة- التصنيف الدولي لترتيب المواضع، هو خطأ فادح جدا ويجب التراجع عنه في أسرع وقت ممكن، لانه بسبب هذا التصنيف تتراجع الصحف الجيدة والمواقع التي تبلي حسنا، وتختفي في ذيل القائمة، وتصعد بدلا من ذلك مواقع سيئة يجمع أغلب القراء أنها ليست في المستوى، وبهذا يتحول الموقع إلى دعوة مفتوحة للتزوير، فلكي تتصدر عليك شراء قراء غير حقيقيين من الصين او تايوان او اليابان او الولايات المتحدة، وهذا وضع سيئ مادام في اليد تغييره فيجب التصرف بمسؤولية وسرعة.
لقد بات من المعروف ان المواقع التي تتصدر اليوم في موريتانيا قائمة الترتيب هي مواقع تعتمد عمليات "تسمين" مخجلة، وتزور القراء بشكل فاضح وغير مسؤول، فلا يمكن تصديق ان موقع موريتاني متواضع الجهد والكفاءة وينشر مواضيع محلية بصياغة سيئة يمتلك أغلبية قرائه في تايوان واليابان والصين، والصراحة والمسؤولية هنا تقتضي ان نقول ان هذه عمليات شراء قراء غير حقيقيين، وهي سبب في إغراق الحقل بمواقع متصدرة ليست لها أدنى شعبية في الداخل. هذا أمر غير جيد، وعندما يتصدر موقع الساحة الإعلامية يجب ان يكون سبب ذلك هو نشاط مسؤول ضمن الأخلاقيات ، وليس مجرد انتهازية غير مسؤولة تجعل الإعلام الجيد مكبلا أمام تصدر غير مسؤول.
ليس هنالك مبرر حقيقي ومنطقي للسماح لموقع إسمه "موريتانيا الآن" تتصدره مواقع لها قراء غير حقيين ولا وجود لهم يتواجدون في اليابان والصين وتايوان والولايات المتحدة، هذا ليس امرا جيدا ويهدد فكرة الشباب الطموح الذي اسس موقع " موريتانيا الآن" بفكرة مبتكرة لقيت استحسانا لدى الصحافة الجيدة التي هي من صنع موريتانيا اليوم وسمحت له بأن يرى النور وستصنع غيره.
وحقيقة الأمر ان الصحافة الجيدة -إن صح هذا التعبير التفضيلي- غاضبة من الموقع، لأنه إلى جانب كثير من الأمور الأخرى يثقل كاهلها بمواقع ليس لها أهمية تذكر، ولا تنتج موادا إعلامية ترصد الواقع، بل تستمر في شراء قراء مزيفين لتحتل الصدارة، وتلك عملية تزوير يجب ان يبتعد عنها الموقع،
الحجة الوحيدة للتصنيف الدولي للمواقع هي انه والله بعض المواقع اشترت قراء مزيفين من بلدان أخرى وليس مناسبا إفساد خططهم.. العقلاء سيقولون: فاليذهب القراء المزيفون إلى الجحيم.
إن النصيحة الأمثل التي يمكن تقديمها لزملائنا في موريتانيا الآن، وهم شباب طموحين ولهم تجربة جيدة في الإبتكار ، هي ان يعودوا إلى روح الموقع.. موريتانيا الآن، وليس الصين الآن ولا تايوان الآن.. لأن القراء في هذه البلدان حقيقة لا يهمهم الشان الموريتاني بقدر الموريتانيين انفسهم، ويجب -في أسرع وقت العودة للتصنيف المحلي حيث يلعب القراء الموريتانيون دورا في وضع موقع ما في الصدارة او سحب البساط من تحته ليتراجع لمكانه المنطقي.
وعموما تمر المشاريع المبتكرة بتحديات، وعندما يحصل ذلك تحتاج إلى قرارات، والقرار الجيد هو ذلك الذي يلتزم بالحقيقة والعودة للخيار المحلي النابع من الواقع.
الربيع ولد ادومو