بدو أن موسم الهجرة إلى الشرق قد بدأ، لم يتغير أي شيء، تعودنا في الولايات الشرقية على الرحلتين، في رحلة "الشتاء" يتسابق المسؤولون ورجال المخزن ورجال الأعمال وكل من له تأثير في تلك المناطق المنسية، فقد حانت لحظة تذكرها واقترب موسم تسويقها وبيعها في سوق "الأحد" في سوق الأحد هذا يقدم كل مسؤول وعودا مغرية، ويشتري ضمائر الناس بالآجل،
وبالشيكات فارغة الرصيد، وفي كل عام تشرئب أعناق المنسيين للسراب يترآ لهم من الجانب الغربي. تسوقه عابرات الصحراء فتتخطفهم الأطماع، -فقط -يتطلعون لغد أفضل يأتي بأبسط مقومات الحياة...الماء..وجعلنا من الماء كل شيء حي- يطلعون لمشاريع تعينهم على البقاء... يدفعون أغلى مالديهم؛ أصواتهم وضمائرهم، وتبقى أعينهم شاخصة في الأفق؛ ينتظرون طلوع الشمس من مغربها لكن سرعان ما يتلاشى السراب ويصفر الشفق وتغيب شمس الوعود الخادعة... وتبدأ رحلة الصيف القاسية، يُتركون لمصيرهم المجهول وتعود فلول النظام والظلام..تبقى آثارهم ذكرى حزينة في نفس كل مقهور ومسكين، فقد سلبوا كل مواطن بسيط رأسا من ماشيته التي كان يعيل بها أفراخه...
سيدي الوزير وأنت في مرابعك الأولى قلي بربك ما ذا تغير في ذلك المنكب، أرني شبكات المياه التي تستقي منها الساكنة وتسقي أنعامها، أو أرني مولدات الكهرباء التي تضيء للناس دروبهم-وقد تاهوا من زمن بعيد- أو بالله عليك أرني منشأة واحدة توظف أبناء المنطقة وتعينهم على نوائب الدهر... ما يقارب نصف ساكنة هذا الوطن تعيش في تلك المناطق وأنت خبير بأوضاعها، حقيق بك أن تعيد إليهم الأمل وتحيي آمالهم المتبخرة، وتحول كوابيسهم إلى أحلام حقيقية...لست متفائلا بتحقيق أي شيء فالوجوه هي كما عهدتها والوعود هي كما سمعتها وحفظتها، لا بارقة تلوح في الأفق ولا بشير يعيد إلينا البصيرة، بيد أنا ننتظر ماهو أنفع وأبقى ننتظر الغيث من السماء، تخضر المرابع وتبسم المجادب وتزّين السهول والوديان، ونستقي من جداول المياه العذبة، عندها وعندها فقط سنغني ونرقص ونحمد رب العالمين، وبعدا ثم بعدا للدستور والدولة والانتخابات.
سيد محمد ابهادي