طالعنا منذ يومين محمد المختار الشنقيطي بتدوينة على صفحته معنونة بـ: "الفرح بموت الظلمة سنة "! وقد أثارت هذه التدوينة مجموعة من الأسئلة الضاغطة نطرحها تباعا للتتبع المنهجي في الرد عليها.
بداية فإنني أسأل الأخ محمد المختار الشنقيطي،
أ إلى هذا الحد أنستك الغربة في آمريكا؛ ومن بعد في غيرها من الدول الأخرى، موريتانيا، و أهلها وقيمها وعاداتها والفهم الصافي لعلمائها و أتقيائها وصلحائها للإسلام النقي الصافي، الذي تداولوه شيخا عن شيخ منذ الصدر الأول، دون أن تشوبه أية شائبة لا سياسية و لا أيديولوجية ولا مذهبية..؟؟؟ ولم يختلط منهجهم في تحصيله بأي منهج لا يرده القهقرى إلى اللحظات الأولى لبعثة الرسول (صلى الله عليه و سلم) ولصحابته الكرام ولخلفائه الراشدين، ومن تبعهم من العلماء الأتقياء؛
فإلى هذا الحد أنستك الغربة في آمريكا أم أنك تناسيت ذلك؟! أم أن حداثة مغادرتك للديار، و أنت في بداية إرهاصات التعلم والتحصيل، وانغماسك في شتى العلوم والمناهج والرغبة العارمة في الحفظ قبل الفهم وإكراهات التأدلج والتسويق، جعلتك تنزَّل من المأثور والمروي ما تشاء، وعلى من تشاء، لمجرد أنه يخالفك الرؤية أو لبعض الحسابات الضيقة المتجاوزة، حتى ولو كان ميتا؟؛
أم لأن الكراهية الأيديولوجية، أفسدت عندك التقدير المناسب لتمرير الأحقاد في الوقت غير المناسب؟!
أم لأن ما حصل عندك من الحفظ دون الفهم، لم يمكنك من امتلاك أدوات التشريح المُمكّنة من الفهم الصحيح للواقع حتى تتمكن من تنزيل المأثور والمروي عليه ؟
و تذكيرا بما قلت "الفرح بموت الظلمة سنة" أسألك؛ هل وجت أو رأيت أحدا ولو واحدا، ممن نسبت نفسك إليهم (الشناقطة) وأعطيت لنفسك صفة المضاف إليه يشاطرك هذا الفهم على النحو الذى أوردت فيه المأثور والمروى؟؟؛ أو يبادلك هذا الإحساس؛ او يقاسمك الشماتة وروح الانتقام؟؛
أيها الشنقيطي الذي - من خلال تدوينته - انسلخ عن مضافه (الشناقطة)، وكان نشازا بينهم؛ لم يشبه كاتبا من الشناقطة إذا كان كاتبا، ولم يشبه عالما إذا كان عالما ولم يشبه سياسيا إذا كان سياسيا ولا مفكرا إذا كان مفكرا ! ولم يشبه حتى مدونا يتستر وراء "ابروفايل"إذا كان مدونا؟ّ!
إنك بأحقادك وشماتتك هذه، في صفِ وفي وادِ، ولا أرجو لك أن يكون وادك واد نار، والشناقطة، كل الشناقطة : دولة وشعبا، في واد آخر؛ ولكنه واد من الأسى والحزن يعتصر الألم أكبادهم قبل قلوبهم؛ وقد تنادوا: بكبيرهم وصغيرهم، بقادتهم، بعلمائهم، بفقهائهم، بمفكريهم، بساستهم، كل ساستهم، ومختلف تنظيماتهم النقابية والمدنية والشعبوية، ليصلوا عليه ويودعوه إلى مثواه الأخير في موكب جنائزى كله هيبة و جلال و وقار، يؤمه أكبر إمام في بلدهم ويرعاه بكرم رئيسهم، من لحظته الأولى إلى وضعه في ضريحه الطاهر إن شاء الله؛
وإذن، نقول للشنقيطي، لقد فرحت بموت رئيس دولة الشناقطة،ولكن الشناقطة لم يساووك في زيغك ولم يقاسموك الفرحة( الشماتة)؛ ونقول لك أيضا، لقد أمتثلت السنة ولكنه أمتثال المنتفع لا المتبع، المنتفع بآكل الدود، فكنت نشازا ، والأمة قالت ذلك بالعمل قبل القول، والأمة لا تجتمع على الضلال، وأنت حفظت ذلك عنها و إن لم تفهمه وتعمل به لحاجة في نفس يعقوب، أو قصدت حمله على غير ما لا يحتمل؛ وتنزيله على واقع لا تعرف عنه رواية ولا تملك عنه دراية لشدة الاغتراب والاستلاب الفكري الذي لوث إطاركم الأخلاقي، حتى صرت لا تتقن التمييز بين ثوابت مجتمعك ومتغيراته..
وإذن، فأعلم، أيها الشنقيطى، أن" الفرح بموت الظلمة سنة" وصف بالقياس أو بالتقدير الفاسد لا يناسب المنعوت، وهو قدح في الناعت قبل المنعوت وقيمة لا يمكن تنزيلها هنا، وعليك أن ترجع - بعد أن تستسمح من الشعب الموريتاني وتعتذر له عن هذه الزلة - إلى بلدك لتغسل فكرك وتصحح منهجك من كل الشوائب والأدران التي أمتزجت به أثناء التعلم، والحفظ هناك في آمريكا، وإلا فإن الشناقطة سيسحبون منك الصفة التي ألصقتها بك، وهي غير مثبتة في حالتك المدنية، وتتصرف تحت حرمتها ولا تحترمها؛ لأن عموم الشعب استنكر عليك ما قلت بحق رئيسه السابق المرحوم بإذن الله أعل بن محمد فال والذي أنت تمقته إلى هذا الحد الذي يجعلك تفرح فيه وحدك بموته . !