“موريتانيا فوق فوهة بركان” .. والتعبير صاغته الدوائر السياسية في نواكشوط، مع تصاعد حدة الاحتجاجات الغاضية والرافضة للتعديلات الدستورية، التي اقترحها الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز،.
وتهدد حاليا باشتعال المواجهة مع النظام الحاكم، بحسب تعبير المحلل السياسي الموريتاني، الشيخ ولد يوسف .
التعديلات الدستورية.. فجرت غضبا شعبيا وسياسيا
واضاف: أن الساحة الموريتانية أصبحت في “حالة احتقان وغليان” خاصة بعد أن قامت القوات بقمع الحشود الجماهيرية صباح أمس في العاصمة نواكشوط، والتي شاركت فيها شخصيات سياسية، بالقنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع والهراوات، بعد أن احتشدوا بشكل عفوي للتعبير عن رفضهم للإجراءات التي يسعى النظام من خلالها إلى تغيير العلم والنشيد الوطنيين، بالإضافة إلى إلغاء بعض المؤسسات الدستورية، من أبرزها مجلس الشيوخ، ومحكمة العدل السامية المكلفة بمحاكمة الرئيس، وقد أصيب عدد من المواطنين إصابات خطيرة..
الموريتانيون سيواصلون نضالهم
ومن جانبه، يرى الرئيس الموريتاني السابق، أعلي ولد محمد فال، أن التعديلات الدستورية المعروضة أمام البرلمان مرفوضة شكلا ومضمونا، حيث تطرح من قبل نظام لا يمتلك الشرعية، وليس مؤهلا لطرحها، كما أنها تأتي في وقت لا يتوفر فيه الحد الأدنى من الوفاق والإجماع الوطنيين حيث تخيم على البلد أجواء أزمة سياسية خانقة.. وأضاف ولد محمد فال : لا يوجد أي مبرر أو مسوغ لها، خاصة فيما يتعلق بالعلم الذي يعتبر أول رمز لوحدة الموريتانيين الترابية والاجتماعية والسياسية وللدولة الوطنية.. وأكد الرئيس السابق، أنه إذا ما تم تمرير هذه التعديلات في هذه الظرف الاستثنائي فان الموريتانيين سيواصلون نضالهم لإبطالها.
الماء والدواء والأمن .. قبل التعديلات الدستورية
وتضامن برلمانيون، مع حركة الاحتجاجات الشعبيىة الواسعة، وطالبوا بتوفير احتياجات الشعب الموريتاني الملخة، من الماء والدواء والخبز، قبل التعديلات الدستورية التي تضرب ثوابت وطنية للشعب من العلم والنشيد الوطني والمؤسسات التشريعية .. وقالت منت الميداح ، النائب عن حزب تواصل، إن الشعب يريد الماء فى مناطق “كرمسين والنعمه وترمسه” وفى كل موريتانيا، ويريد الصحة والدواء الصالح فى كل مناطق الوطن ، ويريد الأمن من اعتصاب نسائه وسلب متاجره وأمواله كل يوم وكل ليلة ثم بعد ذلك يلتفت للعلم والنشيد الذين هما رمزا الوطن .. واضافت في لقاء جماهيري، أن النشيد رائع وجميل وتم تلحينه بشكل أروع وسيظل فى ذاكرة الشعب ولن ينساه ..
ارتباك السلطة أمام الرفض الشعبي
وكشف المنتدى الوطني للديمقراطية، عن المواجهات الدموية التي لحقت بالمواطنين المحتجين، حلال وقفتهم الاحتجاجية أمس، رغم كونها سلمية وشرعية ومرخص بها وحضرها رؤساء أحزاب معترف بها، بعضها ممثل في البرلمان .. وقال بيان المنتدى: إن هذه الهجمة الشرسة تعبر عن ارتباك السلطة أمام الرفض الشعبي العارم لتعديلاتها العبثية، كما تشكل منعطفا خطيرا وتصعيدا هستيريا من طرف نظام يحس باهتزاز أركانه وتخبط وارتباك معسكره ولم يبق له سوى اللجوء للقمع لإثبات وجوده اليوم لضمان استمراره غدا.
حشود شعبية وسياسية السبت المقبل
ورغم الموجهات التي شهدت أمس، تصّر القوى السياسية والشعبية على مواصلة الاحتجاج الرافض للتعديلات الدستورية، وقررت الحشد الشعبي وبمشاركة الأحزاب السياسية والمنظمات الشبابية والمدونين، لمسيرة يوم السبت المقبل 11 مارس / آذار ترفع شعار “لا للعبث بالدستور! لا لتشويه العلم”
وحذرت النائب زينب منت التقي، من خطورة فرض علم واحد بطريقة غير توافقية ولا تخدم الدستور ولا الشعب .. وقالت لوسائل الإعلام الموريتانية: عندما يفرض عليم بخطوطه الحمراء فإن أجيالا عاشت على هذا العلم ستظل متمسكة به ولن تقبل التنازل عنه وسنصير فريقين كل منا يحمل علمه ودستوره، والحاصل أن موريتانيا كلها أصبحت اليوم مختزلة فى شخص رئيس وكأن الشعب الموريتاني كله لا تاريخ له ولا مجد ..
وتساءلت منت التقي عن حاجة الشعب المطحون والمقهور إلى تغيير وثيقة تحتاج إجماعا وطنيا من طرف شخص واحد يقول وينفذ دون استشارة من أحد ولا سؤال له، مؤكدة أن موريتانيا تحتاج حوارا جادا وعاما وحقيقيا يتطرق للمواضيع الملحة والمهمة، أما الأخري غير الملحة والتي لا إجماع عليها بل الخلاف فيها يزداد ويتسع فلا فائدة من تغييرها فى ظرف سياسي كهذا..
قفز فوق الدستور المحصّن
ويرى السياسي والمفكر الموريتاني، الشيخ ولد التراد ولد أحمد زايد، أن سعى الرئيس محمد ولد عبد العزيز وإصراره في الوقت الراهن إلى القفز من فوق جدار الدستور المحصن دون مراعاة لأهمية الوفاق السياسي المشترك ، وكذلك دون اكتراث لأخذ رأي الشعب الموريتاني (الإستفتاء) المخول بهذا الحق شرعا وقانونا، دفع الى استشراف المستقبل الغامص الناجم عن هكذا خطوة، فالأمر عظيم ويعيد في الأذهان عهد الإقطاعية وتجسيد منهجية ابن يوسف الثقفي في الحكم ” السيف أبلغ في السياسة وأحزم في الرأي”
وقال ” الشيخ ولد أحمد”: كان ينبغي على الرئيس ولد عبد العزيز وهو في مرحلة وداع القصر أن يتبع الحكمة في تعاطيه مع الشأن العام ، لا أن ينجر وراء حماسه الزائد ورغباته الشخصية التي قد لاتصيب في أغلبها، فتغيير نظام أسرة واحدة يتطلب الوفاق فما بالك بتغيير مصير شعب أمة بلا وفاق، إنه أمر جلل، ولاشك سيضاعف من الأزمة السياسية القائمة كما سيخلف تبعات سلبية كثيرة على الوطن.
المصدر: قناة الغد
للاطلاع على المصدر اضغط على الرابط التالي :