تداولت عدة صحف ومواقع إلكترونية أن خطاب الرئيس بمناسبة عيد الفطر سيحمل مفاجأة من العيار الثقيل، لكن العكس هو ما حدث. وكثير من الناس، غير الأغبياء على الإطلاق، يدركون جيدا أن ’يم ما تخل العيل’، كما يقول المثل الحساني.
أما الآخرون فهم الذين يريدون أن يصدقوا من يعلموا هم أنه غير قابل للتصديق. تخريف استمر لثلاثة دقائق بقراءة غاية فى السوء من تلميذ متوسط جدا فى المستوى الابتدائي مليء بالأخطاء وعدم الانسجام النحوي مما يكفي لكي يقوم سيبويه من قبره لفرط الاضطراب، بعد عدد كبير من الكوارث فى نهاية هذا الشهر الكريم، شهر القرءان: هذا القرآن الذي مزق رئيس الجمهورية آية منه فى خطابه. وكأنما يريد أن يقول "إن رمضان هذا كان أكثر من جيد لأولئك الذين أمضوه تحت المكيفات، دون خوف من انقطاع أو فواتير الكهرباء، ودون خوف من عدم شراء لوازم الأطفال فى العيد، فهم لم يشعروا بالحرارة الشديدة التى مرت بها أيام رمضان". رمضان جيد لأولئك الذين لا يفكرون مثل آلاف العمال فى الوظيفة العمومية الذين لم يحصلوا على رواتبهم لا من الدولة التي رفضت أن تعطيها قبل نهاية الشهر، ولا من البنوك التى رفضت أن تسلفهم إياها. كان الخطاب تقليديا. وهو ما يجعل هؤلاء الموظفين غير قادرين على الحلم بمستقبل أفضل. تواجد عزيز وأركان دولته فى ساحة مسجد ابن عباس فى هيئة مستفزة، واستمعوا لموعظة، من المؤكد أنها خرجت من الأذن المقابلة للتى دخلت منها. يأتى ذلك فى وقت يلعب فيه 90 فى المائة من آباء الأسر على كل الحبال لتحقيق التوازن. مثل هذا اليأس هو ما دفع بالممرض فى عرفات إلى اقتراف جريمته، وهي رسالة على الوضع المأساوي الذي تعيش عشرات الآلاف من الأسر الموريتانية التى تعيش على رواتب الوظيفة العمومية الأكثر بؤسا فى المنطقة كلها. أما بالنسبة للعفو الرئاسي فلم يحصل أحد عليه. وقد تخلى ولد عبد العزيز عن ولد الداده وبيرام. ولو نظرنا إلى ملفي الرجلين من الناحية القانونية لوصلنا إلى أنه لا يوجد ما يدعوا إلى استمرار سجنهما. فغياب إشعار فى ملف ولد الداده يجعله لاغيا بالكامل، أما بالنسبة لبرام فلا يوجد أبلغ من رفض المحكمة الجنائية نظر الملف. ولم يعد شعار محاربة الفساد كافيا لتبرير استمرار سجن ولد الداده، فلا يوجد فساد مثل ما هو حادث اليوم. فالفرق الوحيد بينه وبين ما كان سائدا فى عهد ولد الطائع هو أنه أصبح محصورا فى يد فئة قليلة من الناس لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، تحتكر كل ثروات البلد، وترسو عليها كل الصفقات بالتراضي. أما سجن بيرام باسم الدفاع عن الإسلام، فلا يعدو كونه تصفية حسابات مع مناضل حقوقي، سوف يستدعى شعور فئة معينة من المجتمع بكونها ضحية.
ترجمة الصحراء