تشهد العاصمة الاقتصادية انواذيبو منذ سنوات انتشارا متزايدا للمدارس الخصوصية ، فقلما تخطئ عينك وأنت تمر من شارع أو زقاق ، إحدى لافتات أو بنايات تلك المدارس ، ورغم الأهمية الكبيرة والدور الكبير لمثل هذه المؤسسات في استيعاب التلاميذ المتمدرسين .
إلا أن هذا الانتشار السريع و الفوضوي في بعض الحالات يعتبر مؤشرا قويا على تدني التعليم العمومي و يطرح أكثر من تساؤل عن ما هي الأسباب، وما هي النتائج المترتبة عن هذا التمدد الأفقي المذهل على مستقبل منظومة التعليم العمومي برمتها ، إذ لا يزال التعليم الخصوصي الأساسي يعتمد المصادر البشرية للتعليم العمومي بنسبة تقارب 20 في المائة وتتضاعف النسبة بالنسبة للتعليم الثانوي وقد تقارب 50 في المائة وهو ما يسبب اختلالا في المصادر البشرية يضاف للنقص الحاد في المعلمين والأساتذة داخل المؤسسات التربوية العمومية.
ويفسر بعض أباء التلاميذ هذا التزايد الحاصل للمدارس الخاصة إلى التراجع الملحوظ في أداء التعليم العمومي ،الذي خلفه النقص الحاد في المعلمين هذه السنة ، وأدى إلى تسرب معظم التلاميذ من فصولهم بحيث لم تعد المدرسة تلبي الحد الأدنى من جودة التعليم ، خاصة في مدارس الأحياء الهشة والفقيرة ، حيث الاكتظاظ هو سيد الموقف ، لذلك يلجأ معظم الآباء –رغم تدني المستوى المعيشي وضيق ذات اليد - إلى تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة علهم يجدون قسطا من تعلم افتقدوه في مدارسهم العمومية ، وحتى لا يصبحون فريسة للضياع والإهمال والجريمة فهما خياران أحلاهما مر.
وعلى الرغم وجود مدارس خاصة جادة ، ملتزمة بالضوابط القانونية والتشريعية إلا أن التعليم الحر في هذه الولاية ، صار سوقا رائجة لبعض المتربحين على حساب مستقبل الأجيال، وهو ما قد ينعكس سلبا على نمط التعليم بالولاية وعلى الوطن عموما من خلال تخريج أجيال غير قادرة على رفع التحديات والمساهمة في التنمية نظرا لضعف وهشاشة التكوين.
فيما يرى آخرون أن ظاهرة التفشي الفوضوي للمدارس الحرة هي نتيجة حتمية لغياب الرقابة الجادة والمتابعة الحقيقة من قبل الإدارة الجهوية ومصالحها المختصة بالضبط والرقابة والمتابعة كالمفتشية ومصلحتي التعليم الأساسي والثانوي .
فقد عهدت مهمة المتابعة لخلية استحدثت أصلا خارج الهيكلة الإدارية للإدارة الجهوية للتغطية على معلمين مفرغين ، وصارت كما صورها لنا أحد مديري المدارس الخصوصية "غرفة تحكم " تعترف من خلالها الإدارة الجهوية للتهذيب الوطني بالمدارس "المحظوظة| وذلك وفق معايير وضوابط يتحكم المزاج والعاطفة في أغلبها.
فهل يشكل التعليم الحر تحديا لقطاع التهذيب ؟
وأين هي محاولات ضبطه ومعايير تشريعه ؟
وهل تعي السلطات العمومية واقع التعليم العمومي ؟