تعيش بلادنا أزمة سياسية حادة فالاغلبية الرئاسية ما زالت مصرة على الاستئثار بالحكم و الانفراد بتسيير البلاد و المعارضة المقاطعة للحوار في تصعيدها المستمر لم تعد ترضى بأقل من رحيل الرئيس .
كما تعيش بلادنا أزمة اجتماعية خانقة على الرغم من تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية فالأجور متدنية والأسعار مرتفعة والبطالة مستشرية في صفوف الشباب والآفاق المستقبلية غير واعدة بالمرة.
وتعيش بلادنا كذلك أزمة أخلاقية لم يسبق لها مثيل ففي الوقت الذي يدعي فيه النظام ان همه الاول وشغله الشاغل هو محاربة الفساد وملاحقة المفسدين يمارس النظام نفسه في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع حملة ممنهجة لاهدار المال العام ولإثراء ثلة من الأقارب والسماسرة والمتنفذين على حساب الأغلبية الساحقة من الشعب المنهك والمغلوب على أمره.
ثم ان السلم الاجتماعي مهدد والوحدة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب في خطر حقيقي فمنظمة لا تلمس جنسيتي تتهم النظام بالعنصرية وبمحاولة إقصاء الزنوج من عملية الاحصاء الجارية وحرمانهم بالتالي من حق الحصول على الجنسية الموريتانية وهي في ارهاصاتها تلك تعبر عن أستياء حقيقي صامت في أوساط هذه الشريحة.
كما ان العرب السمر يعتبرون بدورهم ان الدولة لم تقم بواجبها بما فيه الكفاية من اجل مكافحة العبودية التي لا تزال في اعتقادهم تعشش في بعض الجيوب وأنها لم توفق حتى - وهذا هو اضعف الايمان - في القضاء على مخلفاتها تاركة هذه الشريحة تعيش على هامش المجتمع في فقر مدقع وجهل مركب.
ومما زاد الطين بلة هو وجود رمز نضال هذه الشريحة اليوم برام ولد اعبيد وراء القضبان في سجن تحكمي بتهم غير واضحة بادر القضاء الى رفضها جملة وتفصيلا ثم اعيد تكييفها من جديد في دوامة سيزيفية يبدو ان الهدف منها هو إبقاء هذا العنصر المشاغب في السجن أطول وقت ممكن.
وفوق هذا وذاك تعيش بلادنا في محيط إقليمي ازداد تعقيدا بعد ان وجدت عناصر القاعدة وعصابات الأجرام المنظم وكرا آمنا في الشمال المالي الذي خرج نهائيا عن سيطرة السلطة المركزية للحكومة المالية وبعد ان ذاب مشروع الدولة الازوادية المستقلة امام سخونة الضربات الموجعة لعناصر القاعدة وأنصار الدين.
وفي مواجهة هذه الوضعية القاتمة لم تستطع دبلوماسيتنا للاسف الشديد ان تكون على الموعد فعلاقتنا بالجار تين مالي والسنغال سيئة للغاية إذ ترى مالي ان النظام الموريتاني هو المسؤول عن كل ماسي مالي فهو من شجع الازواديين على المروق على السلطة المركزية وإعلان استقلال الاقليم من طرف واحد اما السنغال فقد ساءت العلاقة معها بعد وصول ماكي صال الى سدة الحكم وهزيمةالحليف المتواطئ مع الانقلابيين عبد الله واد.
اما علاقاتنا بالمغرب فاقل ما يقال فيها انها ليست على ما يرام بعد ان ارتمى النظام في أحضان الجزائر ووطد علاقاته بجبهة البولزاريو وتنكر لجميل المملكة في مساعيها لإضفاء الشرعية على الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
فهل يعي النظام هذا الواقع حق الوعي وهل يدرك بالفعل ان الوضعية الحالية للبلد قابلة للاشتعال في اي وقت وان لو اشتعلت تحت تأثير عامل خارجي او داخلي قد يكون بسيطا وتافها لا قدر الله فان بلادنا معرضة لنفس المصير الذي عرفته السودان ومالي وسترتفع أصوات الانفصاليين من كل مكان مغرقة البلاد في دوامة حرب أهلية لا تحمد عقباها.
ان الوضعية الحرجة التي تمر بها البلاد اليوم تستوجب من الجميع اغلبية ومعارضة قدرا كبيرا من التحلي بالمسؤولية والروح الوطنية في التعاطي مع الشان العام وتستوجب من النظام بشكل خاص ان يسعى بجدية في اعادة بناء الثقة بين المكونات المختلفة للشعب الموريتاني