يتفق العالم قديما وحديثا على أهمية التعايش السلمي ونبذ الصراع وتأكيد الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر والالتزام بالقانون والنظم’ كما يجمع أو يتفق على وجود قيم مشتركة تحدد مسار السلوك اليومي للأفراد على الرغم من اختلاف التوجهات والأفكار والراى والأجناس، لان التعايش السلمي هدف وغاية لكل المجتمعات المتحضرة التي تعمل على ممارسة التحضر وتنتهج مفاهيم وثقافة المواطنة الصالحة.
ولعل المستفيد الأهم هم الشعوب أنفسهم وعلى وجه الخصوص الطبقات المهمشة والفئات الهشة والمرأة والشباب الذين يبحثون عن العدل والمساواة والأمن والأمان من اجل حياة كريمة تمكنهم من مساهمة ايجابية في تقدم وازدهار بلادهم و شعوبهم.
إن التحولات التي مرت بها البلاد واختلاف الأنظمة وممارسات الحكم لدى قادتها تركت العديد من الآثار السلبية في مختلف نواحي الحياة وفرضت نوعا من السلوك والتعامل على قادة الفكر والتربية والسياسة والإعلام...
والآن وقد شهدت البلاد تحسنا في نمط الحكم والتنظيم واختارت المسار الديمقراطي السليم وشهدت نوعا من الاستقرار وارتفعت نسب النمو في كل المجالات.
يجب على أصحاب القرار إعادة النظر في الخطط والسياسات العامة وعلى الأخص السياسات التعليمية والبرامج والمناهج التربوية حيث إن التعليم هو مفتاح بناء الشخصية والتكوين الفكري للمواطن الذي هو الوسيلة والغاية في آن واحد ولا يصح ذلك إلا عن طريق التعليم المدرسي الذي هو أداة لإنتاج وتنمية النشء وإكسابهم قيم الولاء والانتماء وخاصة إذا كان المحتضن الدولة التي ينبغي إن تساوي الفرص والحقوق بين أبناء الشعب ليتربوا في حضنها الدافئ الأمين ليصبحوا مستعدين وقادرين علي القيام بالواجب والتضحية.
فالطلبة بحاجة إلى إعادة النظر في محتوى المناهج الدراسية وتطوير أساليب التدريس وإدخال مسارات تعليم جديدة ذات جودة عالية تواكب التطور السريع والانفجار الهائل للمعارف والتقنيات والتطلع على المستجدات الحالية والاحتياجات المستقبلية عملاً لاقولاً محصنين أمام امبهارات القرية الكونية الواحدة امنين من التطرف والانحراف .
نحتاج إلى تعليم قادر على تنمية قدرات المتعلمين للتعامل مع المتغيرات المعاصرة، نحتاج إلى مخرجات تعليم تمكن من التكيف والتعامل مع متطلبات سوق العمل والعصر الذي نعيش فيه. نحتاج إلى تعليم يساعد الطلبة على اكتساب مهارات تساعدهم على مواجهة المشاكل والمواقف بصورة علمية وعملية وموضوعية بعيدة عن التطرف أو التبعية.
نحتاج إلى تعليم يعزز كفاءة المتعلم ليكون له رأي ومستعد ليتقبل الرأي الآخر وقادر على التعايش بسلام مع الآخرين ومستعدا لتحمل المسؤولية الاجتماعية دون تمييز ولا انحياز. بهذا وهذا وحده يكون التعليم أداة للوحدة الوطنية ينهج السلوك الحضاري في مجتمعنا المدني
إن الإصلاح والتغيير الذي نتطلع له لمسايرة ما نحن فيه ألان وما سنواجهه غدا يحتاج منا العمل الكثير للوقوف أمام التحديات والممارسات المتطرفة وإزالة الفوارق وشتى أنواع التمييز بين الناس.
إن التربية التي ننشدها يجب إن تكون عملية وقائية ترسم استراتجيات شمولية ورأى بعيدة المدى تحتاج كثيرا من القدرات والآليات والمعدات للتطبيق والاستمرارية والتطوير والمحافظة عليها . لتكون تربية تنبذ جميع أشكال العنف والتطرف والإقصاء نعيش ونتعايش فيها بسلام وأمان ، ولهذا يجب على مدارسنا ومؤسساتنا التربوية إن توجه الطلبة إلى أهمية المعرفة وإتقان المهارة وترسخ قيم المواطنة والتآخي والتعاون منذ الطفولة فالطلبة بحاجة إلى بعضهم البعض وحبهم واحترامهم لبعض فهذا أهم أهداف التربية الموصل إلى الاندماج وتقوية أواصر المحبة والترابط . إن التغيرات الاجتماعية تحتم على الدولة جعل نوعية التعليم من أهم أولوياتها لإنتاج كوادر متعلمة مستوعبة المسؤولية المدنية والسياسية .
ولنتذكر أن الأسباب المباشرة للفرقة ألان هو( صراع الأنانيين والانتهازيين والمتطرفين الذين تربوا بعيدينً عن ثقافة التسامح والحوار واحترام الأخر والإيمان بالعدل والمساواة والتعايش السلمي والتناوب على السلطة والبرهان على ذلك ).