يعيش القطاع الريفي في عموم مناطق الوطن هذه الأيام انهيارا لم يسبق له مثيل، فندرة الأمطار حالت دون تنظيم حملة الزراعات المطرية التي كانت مصدر غذاء سكان الأرياف في هذا الوقت من السنة وبغيابها بدأ شبح المجاعة يهدد أزيد من مليون شخص والرقم آخذ في الارتفاع مع حلول فصل الشتاء.
وإضافة إلي نفوق الحيوانات في الصيف الماضي وانعدام المراعي بدأ الجفاف يقضي على مزيد من الأغنام والأبقار ، وتحرك المنمون بفوضوية كارثية نحو مالي و السينيغال وبقيت مجموعات منهم محصورة في مناطق داخلية يحيط بها القحط والحدب على أمل أن تمطر تيرس وما جاوراها للتوجه إلي هناك..
وهنالك مجموعات كبيرة من المنمين بدأت تتخلي عن مواشيها بأثمان زهيدة ، فثمن البقرة الحلوب هبط في جيكني وباسكنو من 150 ألف أوقية إلي 50 ألف أوقية وانهارت أسعار المواشي الأخرى لتنامي العرض على حساب الطلب ، فكل مواشي موريتانيا معروضة هذه الأيام للبيع بأبخس الأثمان وتفكير الناس منصب على كيفية التعاطي مع ما بعد التخلص من المواشي.. فالقطاع الريفي الذي هو مصدر نشاط وغذاء 70% من السكان يشهد انهيارا كاملا في مرتكزاته الزراعية والرعوية ويعيش المواطنون حالة يأس وخوف وهلع من الآتي المجهول.
ولا تحرك الحكومة ساكنا وتكتفي الأحزاب السياسية ببعض بيانات دق ناقوس الخطر.. وقد لخص أحد المنمين الذين قابلهم مندوبنا مؤخرا بمنطقة العطف موقف الحكومة بأنه ( فرجة سادية على أناس يرحلون مع مواشيهم إلي غير رجعة..) وتساءل آخر لماذا لم يتحاور الموريتانيون لإيجاد مخرج من محنة الجفاف بدل حواراتهم الفارغة التي لا تقدم ولا تؤخر ؟ الأجوبة على هذه التساؤلات تعكس عمق ما تخبئه الليالي الحبلي بالمفارقات لشعب موريتانيا الجائع المحبط الذي ما تزال مقدرات قوته خاضعة لأكرا هات الطبيعة.
الرأي المستنير