في الذكرى الثالثة لتنصيبه اختار الرئيس ولد عبد العزيز أن يذهب إلى مدينة أطار لتقديم برنامجه الاستعراضي. وهو ما أثار ضجة كبرى قطعت هدوء شهر الصيام على سكان مدينة أطار. تهافتت وسائل الإعلام الرسمية ومراسيم الدولة والقوى الأمنية وكبار
المسئولين والمصفقين الذين جاءوا من كل ناحية لإيهام الرئيس بأن كل شيء على ما يرام وأن المواطنين جميعا يدعمون ’توجهات الرئيس النيرة’. لهذا بدا الرئيس واثقا جدا من نفسه مساء الثلاثاء الــ5 من أغسطس عند صعوده إلى المنصة أمام الجمهور في ملعب أطار. لكن هذا الحماس تبخر بسرعة. فالمصفقون الذين اكتتبوا لهذه المناسبة أعاقوا الرئيس عن تقديم عرضه. كما تسلل عدد من نشطاء المعارضة ورفعوا شعارات معادية. بدأ حديثه بمونولوج طويل قدم عددا من الأرقام الدالة عن الوضع الاقتصادي، ودخل في مقارنات، وتلعثم كثيرا في التلفظ بالأرقام. تحدث عن اتفاق الصيد مع الأوروبيين وأهمل عن عمد ذكر اتفاق الصيد مع الصينيين، كما بين أن الماء والكهرباء أصبحت متاحة في كل أرجاء البلد، وتعرض في حديثه لكشفه الكبير عن عدم التوافق بين التكوين وسوق العمل، وهو ما يؤدى إلى أفواج العاطلين الحاليين. لكن أحد الصحفيين تعجب من كون هذه الوضعية الاقتصادية الرائعة ليس لها أي انعكاس على الفقراء، ولم تخفض من معدلات البطالة.
أما في يخص الجانب السياسي فإن ولد عبد العزيز لم يخرج عن القاعدة. لقد نفى وجود أي أزمة سياسية. كما قال إن المعارضة لا تريد إلا الوصول إلي السلطة، وأن ذلك لن يتم إلا من خلال صناديق الاقتراع، دون أن يحدد ما إذا كان الانقلاب العسكري كان مناسبا من قبل. شعار ارحل، لا يزحزح أحدا من مكانه، فأين هو من بن على ومبارك والقذافي؟ وتهرب من الإجابة على موضوع مبادرة مسعود ولد بلخير. وقال إن الحوار لم يفشل وأن نتائجه بادية للعيان، والانتخابات ستجرى قريبا جدا. أما في ما يخص القمع الممارس من قبل الشرطة، فقال إن من يتظاهر دون ترخيص يتعرض للعقاب مثل ما يحدث في الولايات المتحدة والسويد، فلا بد من قمعهم وقد يفقدون حياتهم، دون أن يعرب عن أي مشاعر شفقة تجاه عائلات الضحايا أو يتأسف لما حدث لهم، ولم يعد بالعفو عن بيرام، وقال إن قضية الإرث الإنساني تمت تسويتها وفي ظروف جيدة للغاية. في الشأن المالي استبعد ولد عبد العزيز أي تدخل عسكري هناك، وهو موقف مبرر إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن ساركوزي، الذي كان دفع بولد عبد العزيز إلى التدخل العسكري خارج حدوده؛ وما ترتب على ذلك من نتائج معروفة، قد فقد السلطة لصالح الاشتراكيين الذين لم يبدو حتى الآن أي رغبة في التعامل مع سلطته.
غاب الحديث عن العدالة في خطاب الرئيس، وكذلك ميوعة الدولة التى أصبحت تتجاوز حدود الإدراك، والأسواق المرتابة، والحديث عن الإثراء السريع للمقربين منه، والرخص المصرفية التى تمنح على أساس القرابة.
للمرة الثالثة يسعى برنامج لقاء الشعب إلى إظهار ولد عبد العزيز بمظهر المسترخي المنفتح الذي ليس لديه ما يخفيه يجيب على كل التساؤلات. لكن الرجل بدا متوترا جامدا في مواقفه لم يعترف بأي خطأ، وهو ما يأتي في النقطة الأولي من النظام العسكري وهي أن القائد لديه الحق دائما.
أحمد ولد الشيخ
Le calame N° 845 ترجمة الصحراء