لقد تابعنا ليلة البارحة المسرحية السيئة الإخراج التي نظمها رئيس الدولة و سدنته و التي أطلقوا عليها "لقاء الشعب" و لقد بدا لي أن الشعب بالنسبة لهذا الرئيس يعني فقط فئة البيظان و إخوتنا الزنوج أما شريحة لحراطين فليست من الشعب بالنسبة له. لذلك قررت أن أسطر هذه الملاحظات التي أوجهها إلى قيادات لحراطين و أطرهم و شبابهم و شيبهم .. لكل هؤلاء اقول هلا شعرتم مثلي بالإهانة و الإحتقار .. ؟
لا وجود للحراطين ليلة البارحة على شاشة التلفزيون لا صحفيين و لا متدخلين مختارين ! ولا حتى مشاكلهم طرحت . و كما في النسخة الماضية من نفس المسرحية مشكل العبودية و محنة بيرام و زملائه لا يطرحها إلا ممثل الزنوج الذي يحظى بأن يلون به الصحفيون ، اعترافا من الدولة بوجود هؤلاء الإخوة. في السنة الماضية كامارا موسى هو من طرح مشكل العبودية و هذه السنة الاخ الشيخ تيجان جاه .. أما الصحفيين البيظان المختارين فيوافقون كل الموافقة على تجاهل هذه الشريحة و لا يزعجهم على ما يبدو غيابها من الديكور .. شيئ عادي !!!
لقد احتقر عزيز لحراطين عندما غيبهم تماما عن الصحافة المختارة ولم يفكر أحد بأن لا جديد في هذا الموقف .. فكل التحضيرات اللوجستية قام بها حراطين .. ذبحوا و نظفوا ..و رقصوا و غنوا .. و هم اليوم من سيعيد ترتيب الأثاث.. من حضر إلى الملعب هذا الصباح سيرى العمل فيه مسند للحراطين .. أما عندما يبدأ الحديث عن" البلد " فهذا لا يعنيهم حسب العقلية الإستعبادية القديمة التي هي نفسها عقلية محمد ولد عبد العزيزعلى ما يبدو !
لقد احتقر عزيز لحراطين عندما لم يختار منهم ولا واحد من أولائك الذين اختيروا لطرح مشاكلهم بمن فيهم الصم و الزنوج من سكان أطار ... أما الرئيس و الصحافة و المنظمين فلا يعتبرونهم بشر بالغين ولا يستحقون الذكر ..لا يعطى لهم الكلام و لا تثار مشاكلهم نيابة عنهم.. و هذا احد أكبر الاسباب التي جعلت معضلة لحراطين لم تراوح مكانها .. لأن الرئيس لا يلتقي هذه الشريحة و من يلتقيهم من البيظان لا يطرحون مشاكل هذه الشريحة لانها بالنسبة لهم ليست موجودة و ليس لها مشاكل سوى تلك التي يعرف الرئيس و هي أنهم هم الفقراء .. هم سكان مثلث الفقر .. هم سكان آدوابة و الترحيل .. هم معدن انتخابي ثمنه زهيد لا يتجاوز نقلهم إلى أحياء الترحيل و فتح حوانيت التضامن أو امل يقضون يومهم في الشمس ينتظرون فرصة لشراء حاجاتهم .. اما الاستهلاك الخارجي فثمة مؤلفة قلوبهم وزراء للداخلية و العدل و التجارة .. و سفير في جنيف حيث الحديث عن حقوق الإنسان.. أما الاستهلاك الداخلي للحملات و إهانة لحراطين أكثر فثمة أمين عام للحزب الحاكم و مدراء لمؤسسات عمومية حساسة أحيانا !
لقد احتقر عزيز لحراطين عندما تهكم على الحوار بذكر نتائجه الهزيلة : إضافة قوانين و إنشاء لجنة للإنتخابات و زيادة في عدد البرلمانيين لإثقال كاهل الدولة .. و هي امور كانت ستحصل بدون حوار..و اعتبر مبادرة مسعود عفوية ولم يصفها حتى بأي صفة يفهم منها موقفه منها الذي لم يعد يخفى على احد .. إنها مبادرة شخصية من مسعود ! أو كرة أوكسجين ! إن فشلت ـ كما حدث لها بالفعل ـ فهي مبادرة مسعود و لو نجحت لكانت تنازلا من الرئيس و حسن نية و انفتاح كما هو حال الحوار.. فالكل يشكر الرئيس على قبوله للحوار و على نتائجه التي اعتبرت تنازلات منه ..
لقد احتقر عزيز لحراطين بنكرانه لوجود العبودية و تأكيده على أن كل ما ادعته المنظمات الحقوقية مجرد هراء أثبتت التحقيقات ، التي لم تجرى قط، أنها زائفة و أن المنادين بها يحتاجون إليها لكي يثبتوا وجودهم ــ وجود لحراطين ــ الذي يبذل عزيز كل غالي و نفيس من أجل طحنه .. فكيف لا يكون هذا الكلام موجه إلى زعيم لحراطين مسعود ولد بلخير الذي ذكر مؤخرا أن العبودية موجودة .. فهل يعني عزيز أن مسعود يحتاج إلى ادعاء وجود الرق حتى يبقى حيا ؟ لا نريد أن يكون للحراطين ممثل لأنهم لا يمثلون كيانا متميزا ... لا نريد متكلم باسم لحراطين لأنهم ليس لهم إسم ... لا نريد الكلام عن شريحة مغبونة و مطحونة لأن آلة الطحن هي التي هيأت لتغييبهم .. و لكن نريد أن يعلم الغرب ـ سادتنا ـ أنه ليس فينا إقصاء ! كيف ؟ لأن الصحافة المختارة فيها محمد ولد اصنيب أو عمر المختار أو اصنيبا الكوري أو جدو أو عبيد ولد إميجن أو أحد منشقي إيرا أو ... لأن المتدخلين من ولاية أدرار فيهم رابطة الجزارين أو الحمامين أو عمال النخيل أو عمال المطاعم أو سائقي السيارات أو مستعبد يطلب النجدة من رئيس الدولة لتحرير إخوته أو أولاده ..أو أجير منع رواتبه و اتهم بالسرقة .. أو شاب أراد التذكير بأبيه الأعمى في شنقيطي وكيف كان يقوم بمهنة الدليل رغم عاهته فزجر من طرف مالكهما و هو يقول له إن ولدك عبد وليس له دار ولا يمكن أن تضع إسمه على داركم لأنه عبد لا يستحق ذلك..
لقد اتضح للجميع أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا يعتبر لحراطين من الشعب و لانه لم يتعود لقاءهم في القصر و لا في الثكنات القيادية و لا في الحاشية و لا المقربين فهم ليسوا من الشعب .. بل هم عبارة عن الفقراء ـ و هو رئيسهم ـ و هؤلاء يسكنون في مثلث الفقر ـ حسب الرئيس ـ و هم اليوم ينعمون بحوانيت الامل و بمسمكات تبيع لهم ما كان يجب رميه في القمامة من الاسماك المتعفنة. ويسكنون في الكزرات و الترحيل و الميناء و دار النعيم و الرياض، و من أجل منعهم من المشاركة في مسيرات المعارضة يرسل إليهم الحوت و التمر و يبدا التقسيم المجاني وقت المسيرة حتى لا تأخذهم المعارضة ...وليست لهم مشاكل خاصة بهم في آدرار ولو وجدت لطرحها اسيادهم الذين يحظون باستقبال الرئيس
مرة أخرى أشكر الاخ الشيخ التيجان جاه على انه ذكر بوجود مشكل إسمه العبودية و بوجود سجين إسمه بيرام ..و أنبه إلى أن السود الامريكيين الذين عانوا الرق في الماضي لا يمثلون أكثر من 10% من الشعب الآمريكي ولكن لا يمكن أن ترى مواطنين آمريكيين يستقبلهم الرئيس الأمريكي وليس فيهم سود
الإهانة كل الإهانة لنا معشر لحراطين هي أن يسمى هذا اللقاء بلقاء الشعب في حين أن أكثر من 50% من الشعب كانت غائبة تماما و غابت مشاكلها و أعدمت و طحنت و لا يبدو أن هذا يزعج أحدا من إخوتنا البيظان لا في المعارضة ولا في الموالاة ولا فيما بينهما ! ولا اعتقد أن مشكلا بهذا الحجم يهدد الوحدة الوطنية في الصميم يمكن أن يختلف الموريتانيون الأخيار على استنكاره و شجبه.. إن تغييب لحراطين أخطر بكثير من حرق آراء فقهية لجندي اجنبي ينتمي إلى عصر ماضي .. فلماذا لم تخرج المسيرات هذا المساء و البيانات المنددة و المطالبة بشنق المسؤولين عن هذا الإقصاء الممنهج الذي شكل ضربة في ظهر كل لحراطين الأحرار منهم و العبيد بدأ بكبير الخدم و انتهاء بسائقي السيارات العابرة للصحاري التي توجهت إلى اطار بما تحمل ! فلم يكن حديث الرئيس يعنيهم في شيء ! لأنه موجه إلى الشعب !!!