يقضي سيف الإسلام معمر القذافي أول رمضان له خارج أسوار باب العزيزية بعد زهاء 40 عاما تمتع فيها بكل ما لذ وطاب في القصر، الذي ظن أنه ّمشيّد ولن يسقط في أيدي ثوار ليبيا إلى اللحظات الأخيرة، كما أنه ولأول مرة يكون بعيدا عن مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية التي كان يرأسها قبل سقوط النظام، حيث كان يعمل في رمضان على مساعدة الأسر المعوزة ضمن برنامج خاص يقوده صديقه مدير المؤسسة ذاتها.
"الشروق" تمكنت من خلال مسؤول في كتيبة ثوار الزنتان رفض نشر اسمه والمكلف بحراسة سيف الإسلام من معرفة كيف يقضي هذا الأخير وقته في رمضان، وماذا يفضل على المائدة، ومع من يتحدث وهل صام الأيام المنقضية أم أنه كان يفطر؟ .
حسب محدثنا فإن رمضان الأول لنجل معمر القذافي بعيدا عن الأسرة والأصدقاء، وهو في وضعية لا يحسد عليها، جعلته يذرف الدموع بمجرد أن علم بدخول رمضان، وقال نفس المتحدث إن سيف الإسلام طلب مصحفا آخر غير الذي كان بحوزته، وظل يقرأ القرآن، وهو في مشهد جد مؤثر ورفض تناول وجبة السحور في تلك الليلة، وكان في غاية التأثر، ويعتقد أنه تذكر الجلسات الرمضانية السابقة التي كان يقضيها رفقة البعض من أصدقائه إلى غاية الصباح، إذ وجد نفسه وحيدا ومعزولا في سجن سري وصغير غير بعيد عن "جبل أنفوسة" 150كلم عن العاصمة طرابلس، ويتداول عليه مجموعة من حراس كتيبة ثوار الزنتان.
وبالرجوع إلى مصدرنا فإن سيف الإسلام يتحدث في بعض الأحيان مع أحد الحراس الذي يحسن معاملته عكس الأيام الأولى من سجنه، وقال له بالحرف الواحد إنه لا يخشى الإعدام بقدر ما هو متأثر من تصرفات من سماهم حلفاء الناتو، في إشارة إلى عبد الجليل ومن معه، قائلا للحارس "إن هؤلاء سيحكمون ليبيا مستقبلا بطريقة أبشع مما حكم به والده البلاد قرابة نصف قرن، ولم يخف حسرته على قضاء رمضان سجينا، وليسا طليقا هذا العام، كما تحدث معه وهو في حالة نفسية سيئة، وردد سيف الإسلام يقول "لقد سبق وأن حدثتكم عن مشروع تقسيم ليبيا إلى دويلات، وها هو اليوم يحدث ميدانيا"، وكان يقصد الحكم الذاتي في بعض المناطق.
يفضل الحساء على التمر ويصلي العشاء دون الشفع والوتر
ويصوم سيف الإسلام رمضان بشكل طبيعي، رغم أن ظروف الإقامة ليست مريحة، بحكم سرية المكان وموقعه الصخري، فضلا عن الحرارة ويقضي السجين ذاته الصباح غارقا في النوم، ويجمع صلاة الفجر بالظهر بعد استيقاظه في حدود الساعة 10 صباحا، ويظل يتلو القرآن إلى غاية الثالثة مساء، كما يعود للنوم مجددا وعندما يستيقظ يجدد الوضوء ويصلي العصر ويقرأ بعض الكتب أو يشاهد التلفاز المبرمج على غالبية القنوات الفضائية الليبية الجديدة في شكل استفزازي مبطن.
ويفضل تناول"الحساء" المصنوع من السميد والحليب عن التمر الذي لا يأكل منه سوى حبات فقط، رغم أن مائدة رمضان المخصصة له تتشكل من ثلاثة أطباق مع بعض الفواكه وكمية قليلة من اللحوم، وتختلف عن سابقتها في الشهور الماضية.
والملاحظ يقول محدثنا أن سيف الإسلام لا يجيد قراءة القرآن، ويتلعثم فيه، وهو ما يوحي أنه لم يكن يحمل المصحف منذ أن تولى زمام الأمور في ليبيا، كما يصلي العشاء فقط دون صلاتي الشفع والوتر ثم يخلد للنوم، ومعلوم أن هذا الأخير كان يقضي رمضان إلى جنب العقيد المغتال على مائدة واحدة، وهو نفس ما يفعله أخويه المغتالين خميس معمر القذافي والمعتصم بالله، حيث تحصل الثوار على شريط فيديو بعد سقوط باب العزيزية يظهر ذلك.
وجبتا الفطور والسحور تخضع لمراقبة طبية خاصة
كشف مصدر"الشروق" أن الحراسة مشددة على سيف الإسلام الذي يواجه لحد الآن أكثر من 10 تهم كبرى منها الخيانة العظمى، عقب تحقيقات معمقة معه الشهور الأخيرة، في حين تخضع الوجبات اليومية لمراقبة طبيب خاص قبل أن يتسلمها المتهم، وذلك خوفا من قتلة بدس السم في الطعام من طرف جهات تريد التخلص منه كونه يحوز هو أيضا على ملفات ثقيلة، قد تحرك فتنة في ليبيا والثابت أن البعض ممن يحكمون في الوقت الحالي استفادوا من شركات وعقارات حتى في الخارج في حكم والده، علما أن الوجبات الغذائية تخضع يوميا للفحص الدقيق، وكذلك مياه الشرب، بينما تفحص أفرشته وملابسه وبعض أغراضه بشكل دوري ثلاث مرات في الأسبوع.
ونفى محدثنا أن يكون سيف الإسلام يتعرض للتعنيف، كما روّجت له بعض الجهات، وإنما صدرت بعض التصرفات العدوانية من بعض الحراس الأيام الأولى من اعتقاله، لكن مع مرور الوقت تم تدبر الأمر، وتم تغيير بعض الحراس بآخرين أكثر هدوءا وحكمة، وهم يتعاملون معه بصورة لائقة وإنسانية على أساس أنه "سجين سياسي" يجب معاملاته بصفة حسنة.
وطن