يشفق الموريتانيون اليوم على مستقبل بلدهم وسط التجاذبات الحاصلة بين نظام مستبد ومعارضة عاجزة عن أن تثبت أنها بديلا أفضل للسلطة التي تسعى لإسقاطها. جزء من هذه المعارضة تبنى خطا خيانيا صريحا وطفق يسبح في "حوار" هدفه تبرير تأجيل الانتخابات وتسويغ القمع والتغطية على الفساد.
أما جزؤها الآخر فقد اكتفى بالتخندق داخل "منسقية المعارضة" وما أدراكم ما هي منسقية المعارضة:
مجموعة RFD التي تريد الوصول للسلطة بأي ثمن بما في ذلك تدعم في ذلك الانقلابات، ومن دون أن تشعر بالحاجة لأن تشرح للرأي العام ما الذي تنوي فعله بالسلطة في حالة وصولها إليها؛
مجموعة الإسلاميين المبتدئين في مجال السياسة العاجزين حتى عن تسيير بلدية أحري دولة، مذبذبي المواقف، تحركهم مجموعات من وراء الستار كما تحرك الدمى رغم ثوريتهم الجديدة ومحاولتهم ركوب الربيع العربي؛
مجموعة اتحاد قوى التقدم التي ارتضت أن تكون ممرا لأباطرة الفساد والدجل ورضيت باستقبالهم بالأحضان كلما كانوا بحاجة لاستخدام ورقة المعارضة للفت انتباه الأنظمة إليهم؛
مجموعة الرئيس السابق اعل ولد محمد فال وغيره من المتباكين على النظام الدكتاتوري الذي سفك دماء المواطنين ونهب ثروات البلاد؛ وهي فسيفساء من المطرودين من موائد السلطان المعارضين للنظام فقط تبعا لمصالحهم الشخصية التي إذا وجدوها أنفضوا من حولك بأسرع مما ينفض شباب 25 فبراير ومشعل عند مشاهدة شرطي يستعد لإطلاق مسيلات الدموع، فلا تبقي إلا الأحذية وأعقاب السجائر في الميدان.
إن أحد أسباب الإحباط وعدم الاندفاع في ثورة ضد هذا النظام الذي جاء علي الأخضر واليابس ترجع أساسا لعدم الثقة في السياسيين الرابضين فوق المنصات، زعماء الفيافي والقفار.
نحن في وضع لا نحسد عليه كالمخير بين الرمضاء والنار، هم جميعا جزء من طبقة سياسية أنهكت جسم هذا البلد المنهك أصلا بالتخلف والجهل. يتبادلون الأدوار بالأمس في الحكم وغدا في المعارضة، ولن أستغرب كثيرا بعد سنوات وحصول انقلاب علي عزيز أن تدعونا المعارضة لمهرجان في ساحة ابن عباس يخطب فيها عزيز ويندد بالرئيس الجديد بل وقد ينتخب زعيما للمعارضة الديمقراطية.
مللناكم جميعا فارحلوا وتأكدوا أنه فقط برحيلكم هناك أمل أن يرحل هذا النظام .