نحن في زمن الويلات.. تقتل فيه الحكومة الناس على رؤوس الأشهاد، وتمشي في جنازتهم، تحمل الخنجر في يد والسبحة في اليد الأخرى.. وتحاول عبثا ان تقنع الناس بما يرفضه المنطق والحقيقة. عندما أطلق ابن الرئيس واسمه بدر النار من مسدسه على الفتاة رجاء بعث عزيز مستشاريه إلى أهل الضحية.. وأغدق المال.. وسخر طائرة لنقل الضحية للخارج خوفا من توسع نطاق الاحتجاجات.. واخذ ابنه ليعيش إلى جانبه في القصر دون عقاب.. واعلن القضاء والقدر سببا في الجريمة.. وأغلق ملف الجريمة في استهزاء بشعب كامل كان شاهدا على جريمة نكراء غير مسبوقة في تاريخ العائلات الحاكمة!!
بعد ارتكاب الحرس الوطني للقمع الشديد لمجموعة من العمال الذين يطالبون بحقوق مشروعة يوم امس واطلاق مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وتعذيب العمال ووفاة عامل بالشركة خرج جالو آمادو عمار والي الولاية ليقول ان: السلطات قدمت تعازي الحكومة إلى أسرة الفقيد وأنها تثمن موقف هذه الأسرة المؤمنة بالله، وبالقدر خيره وشره في محاولة للالتفاف على مطالب الاسرة برفض دفن جثمان الضحية قبل اكتمال تحقيق شفاف.
وقال الوالي وكأنه كومبارس في مسرحية دراكولا مخاطبا المواطنين إن "منطق الحكمة والتأني هو الطريق السليم بعيدا عن مواجهة قوات الأمن التى تسعى لتأمين المنشآت والمواطنين". بدى الوالي وكأنه يلعق دماء الشهيد بامر من الجنرال.. لقد قتلوه وخرجوا بعيون حمراء يكذبون على الناس. اكمل الدكتور اديه ولد ابراهيم الطبيب الرئيس بمستشفى اكجوجت الجهوي الرواية الرسمية ليؤكد ان السيد محمد ولد المشظوفي المولود سنة 1976 قد وافاه الأجل المحتوم اختناقا بغازات مسيلات الدموع ولا يوجد به أي جرح وأن هناك شخصين أصيبh بجروح بسيطة تطلبت إجراء عمليات خياطة بسيطة.. بهذه البساطة ؟!! ما اجمله من اجل محتوم دفاعا عن مطالب مشروعة.. لكن كيف يتجرأ هؤلاء الناس على معاملتنا بهذه الطريقة المهينة..
يقتلون مواطنا في مظاهرة اطلق فيها الرصاص المطاطي ومسيلات الدموع.. حرس يعذبون ويسحلون البشر فجرا وعندما ينقشع دخان المعركة ويكتشف ان هنالك عاملا استشهد تحت التعذيب ولفظ أنفاسه الأخيرة مقيدا بالسلاسل مع أحد رفاقه يقال لنا انه وافاه الأجل المحتوم وان "منطق الحكمة والتأني هو الطريق السليم بعيدا عن مواجهة قوات الأمن "..! لماذا ابتلع الوالي لسانه ولم ينصح محمد ولد عبد العزيز بانتهاج هذا "المنطق والحكمة" عندما فصله الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله من الجيش.. لم يفضل الجنرال المسلح حينها "الحكمة" ولم ينتهجها يوما لا قبل ذلك ولا بعده.. لقد فضل إدخال البلد في أزمة سياسية وأمنية لأنه يريد نهب المزيد من المال.. لانه يؤمن بأنانية "انا وبعدي الطوفان".. ونحن مطالبون بالحكمة لترك مطالبنا المشروعة من اجل استمرار النظام في الفساد..!!.
في 09 يونيو استشهد الشاب الشيخ ولد الراجل ولد المعلى مختنقا بالغاز المسيل للدموع ايضا عندما أطلقته الشرطة بكثافة على متظاهرين من حركة إيرا في محيط منطقة " اكلينيك" وسط العاصمة كما قيل لاحقا..
أي غاز هذا.. هل "هي مسيلات ارواح" التي تقتل رجلين في اقل من 40 يوما.. وكيف بهذا الشعب يقتل واحدا واحدا ويسقط الجرحى فيه يوما بعد يوم وهو ساهم ساكت. ولا ننسى الطائرة العسكرية التي سقطت في المطار.. ولم يفتح فيها تحقيق ولم يعرف من يتحمل مسؤولية سقوطها وعدم صيانتها ومتابعة اموريها بشكل جيد في ذات الوقت الذي ينهب فيه النظام ثروة البلد بالتمالؤ مع الشركات الأجنبية.
ان النظام بدأ يتخبط.. لا يموت عامل في اعتصام قمعه الحرس بشراسة ويصدق احد ان الرجل توفي بشكل طبيعي هذا كذب مثل كل الكذب الذي يرتكبه النظام. على الشعب ان يفهم انه اذا لم ينتفض لحقوقه فانه سيواجه نظاما يضعف من شخصية المواطن شيئا فشيئا ليتسلح اكثر ويستقوي على امة مغلوبة على امرها. يلزم ان نضع حدا لكبت الحريات وعنف الدولة التي تحكم بالحديد والنار.
احرق "دحود نفسه قبل ذلك.. وتبعه بزيد.. وعذب شباب 25 فبراير.. وقمعت اعتصامات المعارضة.. وقمع المواطنون البسطاء أمام قصر الرئاسة واعتصامات "كواس حامل شهادة".. وجاع البشر وقتر في الأرزاق وانتشرت البطالة والجريمة وخاض الجنرال حروبا خاسرة استشهد فيها ابناء الشعب بلا مبرر وانفقت فيها الاموال في السلاح لتعزيز قوة الجنرال في مواجهة شعبه.. وبعده الشعب يتفرج". ان الشعب مطالب بانتفاضة لرد الكرامة.. وإنهاء حكم العسكر الذي ينهش ليل نهار ويعاقب كل من يعارضه وكل من يخرج للمطالبة بحقه.. كيف يتجرأ النظام بعد هذا على القول انه شرعي وانه ديمقراطي.. ان محمد ولد عبد العزيز واهم إذا فكر انه سيستمر في القمع والتنكيل بالأصوات الحرة.. سبقه لها فرعون وكل الطغاة في العالم.. والربيع العربي أكد انه لا يمكن لحاكم ان يحتمي في قوة العسكر من شعب مظلوم.. فأصوات الحرية تتصاعد في كل مكان من العالم العربي. الى النخبة الوطنية.. ومن يعتقد انه سيظل ياكل ويشرب ويعيش في عافية وهمية حتى يتم تغيير فيستفيد منه ليس أكثر من واهم.. ان الحرية والكرامة لها ثمن.. ويجب ان ندفعه حتى نحصل عليها..
الشعوب مثل الطيور.. منها من يأبى الضيم ويحلق في السماء الواسعة للحرية والكرامة.. ومنها دجاج أعطاه الله أجنحة لكنه لم يفكر يوما في الطيران.. يظل دائما خانعا ترمى له حبات زرع فيلتقطها في ذل ويعود الى الاقفاص ليسرق مالك المنزل بيضه ويذبحه وقت ما شاء..
الشعب الموريتاني ليس دجاجا.. لقد رفض الذل دائما لأكثر قوى العام هيمنة وبطشا وخبثا.. ليس هنالك اصدق في هذه الأيام من أغنية لفرقة راب غنت في ساحة بلوكات في مهرجان لـ 25 فبراير كلاما جميلا لم ينصت له الكثيرون لكنه بالغ العمق والدلالة. قولو العزيز.. نحن مان معيز..