لقد تم إطلاق فكرة هذا المشروع الخيري في أول يوم من أيام شهر رمضان من العام الماضي، وكان ذلك من خلال صفحتي الشخصية على "الفيسبوك"، والتي تضم خمسة آلاف صديق وما يزيد على ذلك العدد من المتابعين. تتمثل فكرة هذا المشروع الخيري في أن يتصدق كل واحد من الخمسة آلاف صديق بمائة أوقية خلال كل يوم من أيام الشهر الكريم. أتدرون ماذا يمكن أن نحقق بمائة أوقية نتصدق بها في كل يوم من أيام الشهر الكريم؟
إن مائة أوقية يتصدق بها كل واحد من الخمسة آلاف صديق تعني في المحصلة النهائية نصف مليون أوقية في كل يوم من أيام الشهر الكريم.
إن هذا المبلغ (نصف مليون أوقية) يمكن أن يمول مشروعا صغيرا لأسرة فقيرة في الحي الذي نسكن، ويمكن أن يساعد في تشييد بيت لأسرة فقيرة بلا سكن لائق، ويمكن أن يساهم في علاج مريض عجز ذووه بسبب الفقر عن علاجه.
فأن يتصدق كل واحد من أصدقائي في "الفيسبوك" بمائة أوقية في كل يوم من أيام الشهر الكريم، فهذا يعني بأنه سيكون بإمكاننا أن نطلق ثلاثين مشروعا صغيرا لثلاثين أسرة فقيرة، أو أن نساهم في تشييد ثلاثين غرفة سكنية لثلاثين أسرة فقيرة، أو أن نساعد في علاج ثلاثين مريضا فقيرا.
فما أبسط تحقيق هذا، وما أعظم الأجور التي يمكن أن تترتب على فعل كهذا.
إن هذا المشروع الخيري البسيط يمكن تجسيده من خلال العالم الافتراضي، وذلك على الرغم من صعوبة جمع هذه المبالغ الصغيرة من آلاف الأصدقاء في مواقع التواصل الاجتماعي، كما يمكن تجسيده ـ وهذا هو الأسهل وهو الأفضل ـ من خلال الاستعانة بالأصدقاء في العالم الواقعي، أو بالتعاون مع الجيران في أي حي من الأحياء، أو في أي قرية من القرى.
إنه بإمكان أي مجموعة من الشباب في أي حي من الأحياء، أو في أي قرية من القرى، أن تطلق في حيها أو في قريتها مبادرة من هذا النوع، وذلك بعد أن تحدد الأسر الأكثر فقرا في حيها أو في قريتها، والتي قد تحتاج إلى تمويل مشروع صغير، أو إلى توفير سكن، أو إلى المساعدة في علاج مريض لم تتمكن من علاجه بسبب ضيق الحال.
إن مثل هذه المشاريع الخيرية البسيطة في شكلها والعظيمة في جوهرها، يمكن أن يطلقها الفقراء، وبتبرعات غير مجحفة (مائة أوقية لكل يوم)، وهي سيكون لها عظيم الفائدة على العديد من الأسر الفقيرة، ولا شك بأن أجورها ستكون عظيمة لكل من ساهم في تنفيذها.
إنه لا عذر لنا نحن الفقراء في أن لا نتصدق، خاصة وأن تصدقنا بمبالغ زهيدة قد تتحصل منه مبالغ ضخمة قد تساهم في تغيير حياة عدد كبير من الأسر الفقيرة في مدننا، وفي قرانا، وفي أحيائنا السكنية.
وإنه علينا ـ نحن الفقراء ـ أن نعلم بأن هذا الحديث الشريف لم يترك لنا أي حجة ولا أي عذر في أن لا نتصدق، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة)). تقبل الله صيامنا وصيامكم..