الصفحة الأساسية > الأخبار > قربان العاشر من يوليو

قربان العاشر من يوليو

الأحد 15 تموز (يوليو) 2012  23:10

محمد الامين ولد محمودي

لا يمر العاشر من يوليو دون أن يذكرنا العسكر بأنهم من طينة مختلفة ويملكون شيئا مختلفا يمكن أن يصرف أحدنا من الدنيا إلى الآخرة من الابتسام أو البكاء إلى الصمت الأبدي ومن التفكير في الهم الدنيوي الهين إلى المصير الأخروي الغامض.

قبل ساعات مات شاب موريتاني, ثار لأنه يريد نصيبه من نحاس بلده بعد أن رأى بعينيه ما في جوف أرضه يغادر في حاويات إلى وجهة غير معلومة في حين أنه ورفاقه تركوا أطفالهم يتضورون جوعا...يحدث هذا فقط لأن العسكر غيروا مسار تاريخ البلد منذ ما يناهز الأربعين عاما حين اقتادوا صاحب البذلة المدنية إلى وجهة لم يتمناها له أي موريتاني لا يلبس البزة العسكرية, وحتى من يلبسونها من غير أصحاب النياشين والرتب والفنادق والحسابات أحبوا رئيسهم, أو على الأقل لم يعتقدوا لوهلة بأن الرئيس يمكن أن يخرج من القصر بأمر من حارس هو من يعينه, سيعرف هؤلاء لاحقا بأن الحارس الحق وليس المجازي يمكن أن يكون رئيسا بعد طرده لمحروسه.

اليوم أتمنى "الثورة" و"الرحيل" والتلاشي من الكون, لكن لكل الزمرة وليس لعزيزها فقط..

لم لا نحل الجيش ونستريح أياما قبل أن يهاجمنا العدو الآخر( الإرهاب والدول الطامعة في خيراتنا)..أيام سنقضيها بلا عسكر كأيام في الجنة وبعدها فليجرفنا الطوفان "فليلة في الخير أفضل من أخرى في غيره"..سننام قريري العيون بأن لا أحد يستطيع غصب أحلامنا ,نعم فالعسكري لا يسرق وإنما يغصب لأنه قوي ومسلح وعدواني ولم يكمل الدراسة في أغلب الأحوال.

ماذا لو حولنا الثكنات العسكرية المنتشرة في العاصمة إلى دور للعبادة أو مكتبات نقرأ فيها كل شيء إلا" كفاحي" لهتلر أو انتصارات نابليون ورومل من بعده.أو نحولها إلى بساتين وحدائق عامة.

سوف لن تقبلوا بالأمر ببساطة لأنكم صدقتم من كثرة الترداد بأن "الجيش يحمي الأمة والحوزة الترابية".. لكن هل من عدو للأمة أشد عليها من هذا الجيش الذي زرع فيها التفرقة الأبدية عبر استهدافه قومية بعينها بالقتل والتعذيب والتشريد والنفي وإلغاء المواطنة, ما نجم عنه شعور بعدم الثقة بين الأعراق من الصعب اضمحلاله مادام في البلاد سلاح ونياشين وحقد.

هل للبلاد عدو بحجم من أدخلها في حروب مع دول الجوار واستأسد على تنظيمات إرهابية أرهقت أجناد العالم ولم تنل منها و لسبب واحد وهو أن البقاء في الحكم يقتضي مثل هذا التصرف الأرعن وغير الحصيف.

ألد أعداء هذا الوطن هم هؤلاء الذين يتلقون رواتبهم من ضرائبنا ومقدراتنا.. إنهم أفراد الحماية المدنية الذين يخمدون تعطش الناس للحرية في ساحة ابن عباس ويتقاعسون حين يتعلق الأمر ببيت احترق على ساكنته.

ألد أعداء هذا الشعب هم رجال الشرطة ممن يتقاسمون المال مع صغار اللصوص بالنسبة للوكلاء, ومع كبار نهبة المال العام بالنسبة لقادة السرايا والمفوضيات. ألد أعداء هذا الوطن هم رجال الحرس الذين يفرضون حظر التجوال في البصرة ويسلبون الناس مالهم فقط لأنهم في حي فقير, في حين يسمحون لسكان تفرغ زينة بالتجول واستخدام السلاح وتناول الخمور..يحرسون القصر والانقلابيين وفي نهاية الأسبوع يقمعون المظاهرات.

ألد أعداء الشعب هم رجال الجيش الذين لا يخرجون من ثكناتهم إلا إذا بلغ القمع أعلى مستوياته, فهؤلاء يناط بهم ما يعجز عنه غيرهم..هؤلاء يستخدمون في الإبادة والقتل رحمة بالمواطنين من آلامهم وهمومهم وطموح كل واحد منهم لتحسين واقعه.

حتى من نسميهم رجال "الصدر"أو حماية الطبيعة أعداء للشعب بطريقتهم الخاصة, يمنعون قطع الأشجار ويبيعون "الحطب" لباعة الفحم, وفي النهاية يحملون السلاح متى اقتضى بقاء السلطان ذلك.

الدرك هم أخطر هؤلاء جميعا لأنهم يوفرون المعلومات المتعلقة بكل شخص للجلادين والذين يختارون في اغلب الأحوال من هذا السلك"المثقف"(الثقافة تعني عندهم أن يتمكن العسكري من كتابة تهمة في ورقة وتقييد شخص أمام الناس باحترام وإرسال بقية مشفرة بشأنه قبل إخفائه إلى الأبد).

حين يحل هؤلاء جميعهم نستطيع الإطمئنان بأننا لم نعد في غابة, لكن من سينزع سلاحهم حتى نعيش هذه الطمأنينة..لا أحد..ولو تجرأنا على أتفكير في الخلود للراحة قبل النزع لوقعنا فيما وقع فيه الرجل الطيب ولد الشيخ عبدالله حين أعتقد طيبة منه بأنهم سينصاعون لأوامره بالإقالة.. فعاد القرار غير المعزز على البلاد بما نتخبط في تجلياته اليوم.

أكرموا الرجل بدفنه سريعا فلن يفيدنا بشيء علمنا بأن الدرك قتلوه أو الحرس أو القضاء والقدر..فكم قتل الدرك قبله ولم يحرك أحد ساكنا..فيك الخصام وأنت الخصم والحكم.

عنوان الثورة الحقيقية هو رحيل كل من يلبس لبسا موحدا دون أن يكون عضوا في فرقة رقص فلكلوري أو في فريق كرة قدم عودنا أنه مسالم ولا يؤذي حتى مرمى خصمه.

رحم الله الفقيد الذي كنا سنكون سعداء لو علمنا بأنه يمكن أن يعود إلى أهله مبتسما مسامحا بعد موته لكنه لن يعود وهنا مكمن خطورة جرائم العسكريين... الميت للأسف لن يراه أحد إلا يوم النشور وربما لن يراه حينها فلكل مايشغله..رحم الله الفقيد وألهم شعبه التشبث بحقه حتى آخر مواطن.

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016