نحن مستبدون حتى النخاع، المعلم مستبد بفصله يغيب ويحضر حيث شاء،لا يستأنس برأي،ولا يخشى لوم لائم، يبرح الضرب، ويكثر الشتم،في فصله. وهذا مفتش يسيل لعابه لكل كفالة وتسيير تحت سمائه، فكلما زاد نصيبه منها،ساد ذاك المدير عنده، يهين المعلم لأتفه الأسباب، ويصدق فيه الوشاة، يراه كالأسماء الخمسة تارة تستحق الذكر والتكريم والتدريس، كمن أبوه الوالي، وأخوه القاضي ،ومن حموها الوزير ،وفوهها الوجيه ،وله ذو بمعنى صاحب المسؤول.
أما بقية المعليمن فكسادس الأسماء الخمسة، وإن أنطبقت عليها الصفات فذكره يخدش الحياء –أكرمكم الله- لا يستحق سوى التهميش، وعدم التكريم، وإن جد واجتهد، لا يعدو أن يكون كواو عمرو لا محل له من الإعراب. أما المدير فهو الآمر الناهي، يعز من يشاء بإدارة، ويذل من يشاء بتعسف، يوزع رضاه على عماله،حسب ميزاجه،لسان حاله أنتم وما ملكت يداكم ملك لي، وتصريف المالك في ملكه يسمى عدلا لا جورا.
لست متشائما، ولا ألمز أحدا، إنما هو الواقع والوقائع تصرخ في بلادي، يسوسون الأمر بقاعدتين لا تنخرمان (الواعر لا يڤوم الحس) والثانية (من تولى شيئا فاليذقه) أي يأكله.
أحيي أولئك الذين ينضبطون في عملهم ولا يغيبون من مدير ومدار، ينفقون فضل مالهم ووقتهم في خدمة وطنهم، هم بمنزلة المؤمن التقي الخفي، يقلون عند الطمع ويكثرون عند الجد والعمل، لسان حالهم يقول: نبني كما كانت أوائلنا تب ني ونفعل مثل ما فعلوا
غالي ولد الصغير