الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى.. إن ما سأكتبه فى هذه السطور ليس للاستهلاك، وإنما هو للتاريخ وللزمن وللأجيال.. حتى يكون رأيى موثقا غير قابل للمزايدات والتحريف.
لقد استُغِلت ظاهرة الرق فى موريتانيا أكثر من اللازم وحُملت ما لا تتحمل واتخذها البعض حصان طروادة للوصول الى منافع ذاتية لا علاقة لها بالحق الانساني.
عندما كنت مناضلا فى صفوف حركة البعث فى موريتانيا فى السبعينيات والثمانينات من القرن العشرين، كانت هناك مبادئ أخلاقية تحكم عملنا النضالي على رأسها سمة الصدق، وعدم المكيافيلية فى الرأي بحيث كانت الحقيقة عندنا هدفا لذاتها.. ومن هذا المنطلق فالإنسان بالنسبة لنا قيمة عليا فى الكون، خلقه الله وكرمه وجعله خليفته فى الارض .. وكنا نجعل أمام أعيننا السؤال العمري الخالد:متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا؟
وهكذا يكون استغلال الانسان للإنسان جريمة، وممارسة أى نوع من أنواع التمييز ضد الانسان جريمة أيضاً، هذه مبادئنا وقناعتنا التى لا نساوم عليها ولا نتخلى عنها مهما كانت الظروف والتضحيات.. وبهذه القناعة حاربنا الاستبعاد بكل أشكاله، حتى دفعنا السلطات الحاكمة آنئذ الى إعلان الغاء الرق.
هذا عمل مبدئى كنا نقوم به لا بحثا عن كسب ود أحد ولا تزلفا لأحد.. وعندما تخليت عن الانتماآت المكيفة -ان صح التعبير- واعتبرت نفسى شخصية مستقلة واعتزلت السياسة بقيت المبادئ جزءا من تكوينتي النفسية فالإنسان بالنسبة لى هو الانسان .. كل لا يتجزأ .. واستغلاله جريمة بكل المقاييس.. سواء كان استغلالا تقليديا كالاستعباد بأسلوبه القديم، أو استغلالا حضاريا كما يمارسه الآن بعض الساسة والحركيين الذين يجعلون الانسان أداة يسخرونها لخدمتهم.
هذه هى المبادئ والقناعات التى أومن بها فى الصميم ..كما أومن بأن الرق بمفهومه التقليدى لم يعد له وجود شرعا ولا قانونا.. وإنما هناك محاولات لاستغلال الانسان وأكثر من يستغله هم بعض من يدعون الدفاع عنه.
ولما كانت هذه هى قناعتي، وموقفي العملي والنفسي، فقد فاجأني بيان يتهمني أصحابه بحالات أشمئز من ذكرها -هداهم الله حتى لا أعين عليهم الشيطان- وهى اتهامات ابسط ما يمكن أن يقال عنها انها ظالمة سيطر عليها طابع الشخصنة وتحكمت فيها الانتهازية السياسية المقيتة ليُجعل منها جسر للنيل مني شخصيا ومن مواقفي وقناعاتي، لكن الحقائق لا تتأثر بالبهتان ولا يشيبها دنس الأغراض الخاصة.. فأنا بعيد من التزمت .. وتخلصت منه فى وقت كان أكثر المتكلمين الآن فى رحم الغيب .. وليس هناك موقف واحد فى تاريخي النضالي -والحمد لله- يدينني فى هذا المجال .
وبناءا على ما سبق فإنني أَطلب رسميا من أصحاب هذا البيان، أن يعتذروا عما نعتونى به أو يثبتوه: إما أن يثبتوا أنى متزمت وإما أن يعتذروا عما قالوه.. فهذا أبسط الانصاف والله ولي التوفيق.
دده محمد الأمين السالك