في العاشر من يوليو، قرر جيشنا الذي كان غارقا في حرب الصحراء وضع حد لسلطات رئيس الجمهورية آنذاك وأخذ زمام السلطة ولم يسلموها حتى الآن. فباستثناء الفترة الوجيزة التي قضاها الرئيس ولد الشيخ عبد الله في السلطة فإن دفة الأمور في بلادنا لم يدرها إلا العسكريون طوال الثلاثين سنة الماضية. والجيوش هي مكونة على أساس الدفاع عن الوطن والمحاربة من أجله إن لزم الأمر، لكن الجيش الموريتاني اعتاد على أن لا يمارس هذه ولا تلك من مهامه. لكنه يخوض السياسة ويمارس الحكم. والنتيجة: فشل وانعدام أمل وكوارث.
الأكيد أن العسكريين كغيرهم من الموريتانيين، لكنهم بكل بساطة وجدية لم يكونوا لكي يسيروا الدولة. بل أعدوا لشيء آخر غير السياسة التي هي من شئون المدنين.
لم نقل هذا من أجل التحقير أو التنقيص من شأن المؤسسة العسكرية ، فهم في النهاية إخوتنا وأبناءنا وأصدقاءنا.. ونحن نحبهم كعسكريين لكن ليس كقيادات سياسية تدير الدولة، في تعقداتها وعلاقاتها مع الآخرين وغناها. ونحن لا يمكن أن نستمر في القرن الحادى والعشرين وشئوننا تدار من خلال منطق القوة والسلاح.
في مصر، أكبر الدول العربية، اختار الناس رئيسا مدنيا بعد ستين عاما من الحكم العسكري الذى أنهك البلد. فجاءت الثورة التي فتحت الباب أمام الشعوب العربية في حصول تغيير حقيقي، وأدركوا أن الدكتاتورية ليست قدرهم الوحيد. العسكريون أنفسهم يجب أن يفهموا أن الزمن تجاوز مرحلة فرض ما تريد على الناس. فلم يعد ممكنا أن تصل إلى السلطة من أجل حب السلطة فقط، دون أن تكون لديك أفكار. لم يعد هذا ممكنا ولا مقبولا. نحن نريد الديمقراطية وسنفرض هذه الإرادة.
لقد حان الوقت أيضا بالنسبة للنخب أن تتجاوز مرحلة تشريع الأحكام العسكرية أو تجميلها وأن يتحلوا بالسلوك الجمهوري. وعلى الجميع أن يتوقف عن الكذب والخيانة: لقد كان حكم العسكر كارثة لموريتانيا. ويجب علينا أن نفكر في طريقة جديدة لممارسة السياسة من أجل بناء أمتنا بطريقة أخرى...
Biladi 667
ترجمة الصحراء