يعتبرُ ختان البنات، "المعروف ايضا بالخفاض" ،عادةَ قديمة متأصلة في المجتمع الموريتاني، ساهم في انتشارها الفهمُ الخاطئ للمسنات الموريتانيات اللاتي يعتقدن بالتوارث أن تلك العادة أوصى بها الدين الاسلامي ، قبل أن تتحول الى عرف اجتماعي سائد في كل الشرائح الموريتانية (عربا وزنوجا وحراطين).
وختانُ البنات ،هو استئصال قلفة البنت والأجزاء الناتئة من أشفار فرجها، هدفه وفق المعتقدات القديمة استئصال حظ الشيطان القابع في هذه النقطة، وهو ما سيجعل هذه الفتاة في مأمن من الشبق النسوي الذي قد يدفع بالبنت نحو ممارسة الرذيلة .
ورغم تجنيد علماء البلد في الحملات التحسيسية التي تقوم بها السلطات الموريتانية سعيا الى محاربة خفاض البنات ،الا أن ضحاياه في ازدياد ،وفق منظمات المجتمع المدني المهتمة بمحاربة هذه الظاهرة.
وتعتبر مدينة "المجرية" الواقعة وسط البلاد، حالة استثنائية من بين كل المدن الموريتانية ،حيث أعلن سكانها البالغ تعدادهم 3000 نسمة التخلي نهائيا عن هذه الظاهرة مع سن قوانين محلية تُقرُ بسجن كل المتورطين في حالات من هذا النوع.
وأُقيم َبالمناسبة احتفال حضره أغلب سكان المدينة بالإضافة الى السلطات الادارية التي أشادت بهذه الخطوة التي شكلت فرصة للجميع ،أعلنوا من خلالها تخليهم بشكل طوعي عن هذه العادة، لما لها من أضرار صحية ونفسية على ضحاياها. وقال الناشط الجمعوي "سيد احمد" لـ"أصوات الكثبان" ان هذا الانجاز التاريخي جاء نتيجة لحوار الأجيال داخل القرية، حيث خاض عدد من شبابها حملات توعية لتحسيس السكان بمخاطر الخفاض، مضيفا أنهم قرروا وضع لوحة اشهارية وسط المدينة لتذكير الزوار بمخاطر ختان النساء.
بدورها الناشطة في المجتمع المدني "لاله منت صمبيت" وهي احدى المتضررات من هذه الظاهرة، أكدت لـ"أصوات الكثبان" أن القرار الجماعي لسكان المجرية بالتخلي عن ممارسة الخفاض ،جاء بعد حملات توعوية طويلة تحذر من أضرار هذه الظاهرة على البنات وهن صغيرات وحين يكبرن، باعتبار أن اغلب ضحاياها يتعرضن لتشويه خلقي وعقم في كثير من الأحيان، في حين تزداد مخاطرها في أحايين اخرى الى درجة قتل البنت، بسبب النزيف الذي عادة ما تصاب به الفتيات المختونات ،وهي أسباب من بين اخرى، جعلت سكان هذه المدينة يقتنعون أخيرا بالتخلي علنا عن هذه الظاهرة ،ويكونون بذلك استثناء عن كل المدن الموريتانية.
ولمحاربة ممارسة الخفاض ،تقول وزارة الشؤون الاجتماعية والأسرة في موريتانيا انها تعمل حاليا على تنفيذ إستراتيجية وطنية، تهدف بالأساس إلى توعية المجتمع وخاصة في المناطق الأكثر تهميشا وهشاشة في القرى والأرياف ،حيث يعتبر الخفاض تقليدا دينيا وعرفا اجتماعيا.
وتُضيفُ الوزارة في آخر تقرير لها حول الموضوع أطلعت عليه "أصوات الكثبان" أنها تركز كل جهودها لإشاعة الوعي بخطورة ظاهرة الخفاض وإقناع الأهالي بضرورة التخلي عنها نهائيا ،مما ساهم بشكل كبير في الحد من هذه الممارسة. وتؤكدُ الوزارة في تقريرها أنها تركز حملاتها للتوعية على المحافظات الخمسة التي تكثر فيها هذه الظاهرة (الحوض الشرقي٬ لبراكنه٬ غورغول٬ تكانت٬ ترارزة) ،حيث شملت هذه الحملات حتى الآن أكثر من 500 الف شابة.
وحسب إحصائيات غير رسمية فقد وصلت نسبة انتشار ختان الإناث في موريتانيا، إلى 70٪ ، مسجلة ارتفاعا ملاحظا في قومية الزنوج السوننكي القاطنة في الولايات الجنوبية لتصل إلى 98٪ ، أما في قومية التكلور الزنجية فقد وصلت النسبة إلى 97٪ ، في حين وصلت نسبة ختان البنات في باقي الولايات الموريتانية التي تقطنها قوميتي البيضان والحراطين الى 73 في المئة.
dune-voices.info