في منزل متواضع ، تتناثر فيه قطع الجلد وحبات النحاس كما تتناثر أفكار" اعلي ولد محمد المختار ولد بولكدام " بعد ثلاثين سنة من العمل وبذل الجهد والمحافظة علي تراث موريتاني أصيل , دون مردود يمكّنه من البقاء في هذا الميدان الذي شاب فيه وشاخ . احتراف مبكر
حالُ " ولد بولكدام" ومعاناته تنسحب علي عشرات من زملائه في هذه المهنة التي يعتبر" عميدها "بلا منازع في سوق "الكشطة " بالسوق المركزي، حيث يمتهنها شباب ونساء وشيوخ رغم ما يشكونه من محدودية المردود ومشقة العمل .
يقول " ولد محمد المختار" بدأت هذا العمل من الصغر في المنزل حيث كنت أنا وباقي أفراد الأسرة نبدأ من مراحل الجلد الأولي حتي يكون صالحا لوُلوج السوق بعد صنع عدة " كشطة " في شكلها النهائي، وفي سنة 1989 ـ يقول " اعلي " ـ جئت إلي العاصمة حاملا معي خبرتي في هذا العمل حيث بدأت ممارسة المهنة هنا في انواكشوط قبل أن يلتحق بنا أي أحد ، ثم بعد ذلك صارت سوقا كبيرة ولجها الكثير من الشباب أصحاب المهنة.
مراحل الصنع
تبدأ مراحل صناعة " لكْشاطْ " كما يقول " ولد محمد المختار" من الجلد حيث تتوالي مراحل " الدباغة " والتي تستعمل فيها مادة القرظ المعروفة محليا بـ"الصّلاّحة " لتأتي المرحلة الموالية وهي " اسْلِيتْ " ثم " لَخْريطْ " وكلها مراحل تحتاج للجهد والعمل اليدوي . وتعتبر المراحل الأولي في معالجة الجلود المستخدمة في صناعة " الكَشْطَةْ " وهي جلود البقر والغنم خاصة بالعمل النسوي لتصل إلي أيدي الرجال بعد أن صارت ناضجة للتقطيع والمعالجة النهائية.
أنواع "الكشطة"
وتنقسم انواع " الكَشْطة " إلي ثلاثة - لَكْشاطْ – وهو من عمل الرجال – النَّسْعَة – وهي من عمل النساء ، ثم بعد ذلك فرضت الحداثة في الأزياء نوعا آخر وهو الحزام المستعمل بكثرة في البدلات العصرية وألبسة الشباب ، حيث يكثر الطلب عليه نظرا لجودة المصنوع منه من الجلد .الزَّوَّايةْ ،، التَّقْلِيدِيَة ،، الْكَبَّانْ ،،وتنقسم أنواع الجلد المستخدمة إلي نوعين رئيسيين ، حيث يعتبر النوع الأول - وهو الأجود - خارجيا محضا ، يأتي من إيطاليا والمغرب ويسمي " الزَّوَّايَة " وهي المادة المستخدمة في دبْغِه.
أما النوع الثاني فيسمي "التقليدية " وهي الجلود المصنَّعة محلِّيا في جميع مراحلها، وتستعمل في معالجة الجلود عدة آلات مثل "المرْزَبَّهْ " و الْكَبَّان " و المَعْونْ " والْمُوسْ " وكلها تمثل مرحلة من مراحل صنع " لكشاط " حسب تقدم العمل فيه، وتحتاج جهدا وصبرا.
يقول" ولد بولكدام " أن الحاجة أصبحت ملحة لاستجلاب آلات عصرية لصناعة " الكشطة " توفر الجهد والوقت وتزيد من الجودة، وتتفاوت الأسعار حسب الجودة، حيث تكون غالية للوافد من إيطاليا والمغرب وهو المسمي بـ" الزواية " التي يبلغ سعر " لكشاط "منها ثمانية آلاف أوقية إلي سبع مائة أوقية، أما "النسعة " فيتراوح سعرها بين خمسة آلاف إلي ألف أوقية . أما المصنوع من الجلد المحلي الموريتاني فتبدأ أسعاره من أربعة آلاف إلي خمسمائة أوقية.
مشاكل وصعوبات
وللمشاكل حيِّزها ورغم أن هذه الصناعة من التراث القديم إلا أنها ما تزال تصارع في خضم الحياة العصرية لوضع قدم فيها، إلا أن مشاكل جمة تواجهها باستمرار، كما يقول أحد الشباب الموجودين في السوق،وتبدأ المشاكل من عدم الرعاية من طرف الوزارة ، أحري توفير الدعم حيث نعتمد علي جهودنا الذاتية في مواجهة كل المشاكل رغم شح الموارد وكثرة المصروفات .
ولاتنتهي المشاكل هنا حيث يعتبر الإيجار المرتفع والضريبة الباهظة أمران يثقلان كاهل الممارسين لهذه الحرفة كما يقول اعلي ولد محمد المختار .
ويبقي " لكشاط "تراثا قديما يواجه تحديات جمة منها الزمني المتجاوز لأذواق الزي التقليدي ، ومشاكل فنية في الصناعة والحصول علي المادة الخام والتشجيع الرسمي وبين هذا وذاك يعتبر الشباب الموريتاني " لكشاط " لازمة من لوازم اللباس الوطني المكتمل مع " الدراعة " .