منذ مغادرته إلى المنفى -بعد أن أطاح به رجال ثقته- يتابع الرئيس معاوية عن قرب التطورات السياسية التى يعرفها البلد، الرجل الذى قاد البلد خلال عقدين طويلين وحكمها بيد من حديد، اعتبر مسئولا عن عدد من الأحداث اقترفت ضد عدة مئات من المواطنين الموريتانيين من عام 86 وحتى بداية الـ90.
ومنتقدوا ولد الطايع والذين يحنون إلى عهده على حد سواء يتمنون أن يكشف عن عدد من الأمور السياسية. فبالنسبة لضحايا الدكتاتور السابق فهو ملزم بالرد على ما اقترف من أفعال أمام محكمة التاريخ وأن يعلن بوضوح عن تحمله لمسئولية ما حدث أو يقدم أدلة مقنعة على براءته مما حدث.
وقد كنت كتبت قبل سنتين مقالا بعنوان: ’ماذا لو كتب ولد الطايع مذكراته’؟ وقد علمنا في هذه الفترة أن للرئيس معاوية كتابا عن العرب، دون أن يعطي الفرصة للموريتانيين للاطلاع على روايته للأحداث التى عرفتها فترة حكمه.
فلو ظهر هذا الكتاب فإنه سيكون محط اهتمام كبير لأنه سيتضمن شهادة على أحداث كان المؤلف الشاهد الرئيسي عليها. فلماذا ولد الطايع أولا؟ فهو ليس المتورط الوحيد في هذه الأحداث بل إنه يتقاسم المسئولية مع آخرين في المؤسسات العسكرية والأمنية.
قد يكون المتزلفون يريدون الدفع بالكتاب إلى المشهد السياسي حتى يشعلوا الضحايا به. وهذا لأنه يشكل المسئول الأساسي في ملف الإرث الإنساني الذي لم تتم تسويته حتى الآن، بالعدالة والحقيقة في آن.
لماذا ولد الطايع ليس مسؤولا عن حقيقة علاقته بما حدث من مآس في سنوات الدكتاتورية، هو دعوة إلى إعادة تأهيل أخلاقية وقانونية للأضرار التى وقعت على مئات الموريتانيين السود دون أن يعرفوا لماذا يعاملون بهذا الشكل.
لماذا ولد الطايع هو قلق على أن نرى رجلا أمضى سنين مرتاحا هو وآلته القمعية في وجه انعدام الأمل المتعاظم لدى أصحاب الحقوق.. لماذا ولد الطايع لأن كل الطبقة السياسية هي متورطة في الأحداث بصمتها في وجه الجرائم الدموية.
Le rénovateur N° 1338
ترجمة الصحراء