حضرت يوم السبت الماضي محاضرة نظمها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تحت هذا العنوان السالف ذكره إلا أني تأسفت لعدم تسليط الضوء على التعليم القاعدي في موريتانيا الذي هو الركيزة الأساسية لأي تنمية مستديمة.
أما النقطة الثانية التي أدهشتني هي عدم تسليط الضوء كذلك من طرف المحاضرين لمعوقات التهذيب في موريتانيا ، لكنه كان مما خفف تأسفي المداخلة ما قبل الأخيرة والتي أدلى بها الوزير والدبلوماسي السابق: الشيخ أحمد ولد الزحاف ، والذي هو من الأطر المعروفين في الحوض الغربي ، وهي مداخلة عالجت الموضوع بقدر عال من الحنكة والحيطة.
ومما لا شك فيه أن أهمية التعليم القاعدي لا تخفى على كل إنسان راشد ذلك لأنه حجر الأساس في عملية التنمية لأي أمة إذ يرتبط التعليم ارتباطا مباشرا بالتنمية كون الإنسان هو محور عملية التنمية التي تساهم في اكتساب المعلومات والمهارات اللازمة من اجل تحقيق تنمية مستدامة ومن هذه الزاوية يتبين أن هنالك علاقة وثيقة بين التعليم القاعدي والتنمية المستدامة في كافة المجالات ، إذ لا تستطيع التنمية ، أن تحقق أهدافها ، إلا إذا توفرت القوى البشرية وعلى رأسها المعلم ، هذا المعلم الذي كاد أن يكون رسولا ، والذي لم يعطيه المجتمع ولا الدولة حقه في الاكتتاب والتكريم ، منذ مطلع التسعينات ، إذ كان قرار فتح عدة مدارس لتكوين المعلمين في الداخل الموريتاني بداية نكبة وانتكاسة حقيقية للتعليم ، بل هو الصاعقة التي دمرت التعليم القاعدي في بلادنا فكانت المسابقات التي تجرى لدخول هذه المدارس لا تراعى فيها المعايير العلمية ، ولا الكفاءة لمعلم سيعد أجيال المستقبل فحصل ما حصل ، وفي اعتقادي أن افتتاح مدارس امتياز لتكون المعلمين أصبح ذا أهمية وضرورة قصوى.
أما نكبة التعليم الثانوي والجامعي فحصلت عند ترك العنان لتزوير الشهادات وتوظيف وتعيين المزورين ، فاختلط الحابل بالنابل ، مما أفقد التعليم معناه!
حقا لم تبخل مختلف الحكومات المتعاقبة في رصد الأموال لإصلاح التعليم وقد أحرزت الحكومة الحالية على الخصوص تقدما ملموسا وملحوظا حول إمكانية الحصول على التعليم ، بكل مراحله وزيادة معدلات الالتحاق بالدراسة ، وتشييد آلاف المدارس ، لكن يجب تعزيز القدرات الوطنية من أجل تحسين ورسم السياسات الخاصة بالمعلمين واكتتابهم بنفس النمط الذي كان سائد قبل التسعينات ، كما أن دعم السياسات النوعية الخاصة بالتدريس وبيئات التَّعَلُّمْ أمر ضروري لنحدد الإنسان الذي ننوي إعداده.
بقلم: شيخنا ولد الداه