يواصل المزارعون بولاية لعصابه تصميمهم على حراثة حقولهم ويصمد هؤلاء في وجه تحديات كبيرة ، حيث لا يمتلكون الأراضي التي يستغلونها في أكثر الأحيان وتطرح لهم بشكل حاد مشكلة حصر المياه نظرا لضعف وهشاشة السدود التي هي في معظمها رملية ؛ بنيت بأيديهم إضافة إلى افتقارهم إلى وسائل حماية المزارع ومزاولتهم لأعمالهم بأدوات بدائية ورغم تلك المصاعب كلها فإن إرادتهم قوية وتشبثهم بهذه الحرفة الشريفة المعطاء يتواصل مع كثرة وتنوع المثبطات.
في وقت سابق اختارت وكالة كيفه للأنباء قضاء قيلولة في أحد الحقول والحديث مع أحد الفلاحين فكان ذلك في سد أهل أمين الذي يقع إلى الشرق من مدينة كيفه ،حيث تبادلنا الحديث مع المزارعين محمد ولد محمد العبد وعثمان ولد موسى على مائدة شهية(شكط + منكو) قام مضيفونا بتحضيرها على عجل ، حيث لا تترك الطيور المتربصة بالحب والمواشي التي تقترب من الحقل أصحابنا يطمئنون إلى الجلوس معنا.
إذ يبدأون مع طلوع الفجر عملية "أنزاكه" وحتى غروب الشمس وهي العملية المصنية التي يشارك فيها الأطفال والنساء. يحرث هؤلاء حقلهم الذي تهدم سده الرملي منذ عامين بعد أن بنوه بشق الأنفس ودون مساعدة من اي أحد ؛إذ لم يتلقوا من الحكومة الموريتانية أي دعم وهم يطالبون ببناء سدهم وهو ما سيمكنهم من الاكتفاء في مجال الحبوب كما يلحون في وإيجاد حل لمشكلة آفة "لرظه" التي تقتل النبات بسرعة و يأملون أن يصبحوا يوما على أدوات غير بدائية لتحسين إنتاجهم.
يعملون في ظروف قاسية ٬ لا أدوات زراعية حديثة ٬ لا دعم ولا عناية من الحكومة وقد يبست ساحات كبيرة من حقلهم لعدم ارتواء الأرض بسبب تسيب المياه وعدم استطاعتهم حصرها.
لا يفوت علي هؤلاء أن الدولة توجه الجرافات والسياج والاسمنت والمواد الغذائية إلى سدود لا توجد لها أية مردودية بل لا يملكها مزارعون هم فقط متنفذون وأطر ووجهاء يستولون على مساعدات المزارعين فهذه عشرات الكيلومترات من الكثبان والصخور محروسة بدواعي زراعية وفيها تضخ أقوات الفقراء .
مع ما يعيشه هؤلاء الفلاحين من تهميش وإقصاء فإنهم يبقون منغرسين في جبال وأودية هذه الأرض آملين في أن يطل فجر يوم أفضل٬ وإنه مع عزلتهم وأميتهم يعون أن ثروات بلادنا كثيرة ويمكن أن تغني الجميع لكنها تهدر في غياب تام للعدالة.
إن نصيبهم من هذه الثروات هو الحرمان والبقاء على الهامش ولكن شعور بالغبن والظلم الممارس عليهم هو وقودهم إلى إنهاء زمن الإقطاع والإقصاء والاستغلال.