إسمه : ابراهيم ولد بلال ولد أعبيد
القرابة: أبي
العنوان: سجن ألاڱـ
الوصف: ماذا عساي أن أكتب عنه ?؛ فالوصف يعجز عن إدراكه لما اتصف به من دراية،.. لطف وكبرياء، ماذا لو قلت إنه شمسي!..كلا فقد تغيب ليلا وتتركني لأحزاني!..وإن قلت لكم إنه قمري، فقد لا أصدقكم فضوء الشمس يطغى على نوره!.ان فيه شعاع شمس يحمل دفئا يسع الكل..! ماذا لو أبقيت عيوني مفتوحة تتطلع إلى تلك النجوم التي تتباهى ببريق حنانك؟... إنك قمر نناجيه كل مساء، فيرعى صغارنا حتى الصباح.! أبي..!
يا من ملكتني.. وأغرقتني بفضلك، وكريم خصالك وعطفك! إننا صابرون،.. أقوياء في إنتظار خلاصك. نعم؛ سيأتي خلاصك!
أبي أيها الغائب الحاضر.. الغائب عن أعيننا والحاضر في قلوبنا ووجداننا؛ أتدرك أن الذاكرة كلما مر شريط ذكرياتنا معك تسرح بنا عكس الزمن..!، فأستعيد مكابدتك من أجل تعليمنا فضائل الأخلاق وعظائم الأعمال الحميدة، .. إنه برغم حجم الهموم التي تضعها على كاهلك كنت أمام أبنائك رفيقا وأخا وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر،.. الآن نشتاق للنظر في قسمات وجهك الباسم وأنت تجهد نفسك لتسليتنا و إبعادنا عن وعثاء الفانية، لقد كان حضورك دائما مصدر سرور وغبطة لكل أبنائك، بل وجيرانك!..
أما وقد طال غيابك القسري –أيها الأب- فإن في النفس متسـع للإنتظار! ..ما دامت في البيت أم تضيء زوايا المكان. أبتاه..! هذه السيدة الطاهرة تكابد القيام بدور الأم والأب، معا؛ وهي المحتسبة..الضنينة على فلذاتها والصابرة..! أيوب يعجز عن صبرها. هل تدرك أننا أقوياء بها؟، وأن لهفتنا في انتظار رجوعك تشتد شوقا لأن نعانق محياك. *** كم أهنتني يا وطني بسجن أبي..
ماذا لو سجن الوطن أغلـى الناس في حياتك ظلما وعدوانا،.. ظلما لأنه كان رافضا للذل والمهانة، وعدوانا حين أرادوا إسكاته عن الجهر بنصرة المظلوم وطلب المساواة بين أبنائك، يا... يا وطن! "لم ضقت يا وطن بنا .. فقد كانَ حُلمي أن يزولَ همّي
كيف يزول همي؟، و أنت تحرمني في عيد ميلادي من لهفة لم العائلة إلى جانب والدنا السجين. وكيف لا يحزن الصغار أيام العيدين وهو لا يرون أباهم يوزع حلوياته في زوايا البيت؟ بل ماذا نقول للفقراء وأبناء السبيل وهم يسألون عن عطاياه؟.
أيها الوطن لقد ضيقنا عاما وأشهرا بمنعك أبانا عنا، حيث السجن والتقييد؛ أليس أولـى بالسجن ذاك القاتل والسارق والزاني وآكلي الربا؟ وأن الأصل في دعاة الحقوق هو الحرية. أهذا عدل يا وطني؟ أتدرك ياوطن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم اخ المسلم لايظلمه ولايحقره ولايخدعه" فلم اذا الظلم وعدم المساواة والاحتقار والخداع في دولة حفاظ القرءان وكتب رياض الصالحين والاخضري وابن عاشر، والفقه المالكي؟.
إلى كل من يعرف والدي ويعرف انه إنسان في قمة الروعة، والأخلاق وحب الوطن في الشدة والرخاء والكرم والاستقامة؛ واعني على وجه الخصوص والتشديد زملاءه في العمل الذين كان على الدوام معهم؛ أخا قبل أن يكون زميلا أو مرشدا، ألم يحن الوقت يا زملاءه الأفاضل أن تنفذوا ما كتبتم في تصريحاتكم أثناء تصحيح مسابقة الباكلوريا (2014-2015)..فقـد قلتم بالحرف الواحد (إذا لم يتم إطـلاق سراحه فإن الأسرة التربوية في التعليم الثانوي ستتخذ إجراءات تصعيدية حتى يتم تحريره).. وفي تقديركم كأساتذة أنكم ستلجؤون إلى الطرق القانونية وأن عرائضهم ستلج باب منظمة اليونسكو بصورة خاصة.
و أما انتم يا تلامذته، الذين كان معكم دوما أبا قبل أن يكون معلما أو مدرسا؛ أسألكم أين إخلاصكم لمن علمكم فرز الأفكار والمنطق والأنساق؟ أين تضحياتكم من اجل معلمكم الأول؟ ألم تتكرر على ألسنتكم عبارات الإطراء لمن كانت منهجيته تناسبكم كمتلقين للعلم؛ لماذا لا تخرجون وتطالبون بإطلاق سراحه؟ مالضير في خروجكم نصرة لسجين رأي وداعية حقوق؟ كم اخجل منك يا وطني؟
عندما أتذكر اهانتك تلك لي ولكنني سأظل وفية لك ما حييت، فالمشكلة ليست فيك يا وطني بل بمن يلوذ بداخلك، و أنا أرجوا أن يتغير ما في داخلك إلى الأفضل. أعرف أن الحياة تمضي رغم كل التحديات، وأن كل ما يحول دون تحقيق العدالة والمساواة والإخاء سينتهي وسنفرح معا -يا أبي- عاجلا غير آجل!، وسيحتفل معنا الوطن بأكمله وسيبقى رأسك مرفوعا شامخا، وتبقى قويا كما كنت. فأنت بطل اليوم بالنسبة لنا لكل من يعرفك أو نهل من معين أفكارك وبطل الغد بالنسبة للوطن. و أنا سأظل فخورة بك.
احبك، يا أبي، احبك يا أبي، أحبك يا أبي.